كثير من الناس يجاور في العشر الأواخر من رمضان في أقدس البقاع في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر ويجلس يلزم المسجد الحرام ويقول: هي ليال معدودة، أريد أن أحفظ نفسي، لكن ماذا عم سلف؟ ما وضعك في أول الشهر في شعبان في رجب فيما قبلها من الشهور؟ إن كنت من أهل القيل والقال فلن تتركه ولو كنت في هذا المكان، ويقول: قراءة القرآن كل حرف بعشر حسنات، وتعظم هذه الحسنات في الشهر المبارك وفي المكان المبارك، لماذا لا أحرص؟ وختم القرآن يتحقق في ست ساعات، يقول: لماذا لا أختم كل يوم؟ الأمر يسير، لكن كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)) تجد من خيار الناس من طلاب العلم، من يجاور الأيام الفاضلة في المكان المقدس ومع ذلك تضيع ساعاته سدى، يفتح المصحف بعد صلاة العصر منتظراً الفطور، ثم يقرأ خمس دقائق إذا كان ما اعتاد القراءة خمس دقائق ثم يلتفت يميناً وشمالاً لينظر هل يرى أحد قد أقبل ممن يعرفه، ليمضي معه بعض الوقت، ثم إذا لم يجد أحد عاد إلى قراءته، ثم في المرة الثانية يقوم هو يبحث عن الناس، وهذا ما يحتاج إلى استدلال هذا كثير –مع الأسف– ممن يقصد تلك البلاد ويعطل أشغاله ويترك أهله ومعاريفه ويتغرب ومع ذلك لا يستفيد الفائدة المرجوة، وذلكم لأنه لم يتعرف على الله في الرخاء.