((من رأى منكم منكراً فليغيره)) هل نقول: إنه لا يغير المنكر إلا من رآه؟ يعني من بلغه بطريق صحيح أن هناك منكر ألا يجب عليه أن يغيره إذا استطاع، ما رآه سمع عنه بطريق صحيح عن طريق الثقات، لو قلنا: إنه لا يغيره حتى يراه، قلنا: إن من احتلم لا يلزمه الغسل حتى يرى الماء بعينه، فالأعمى لا يغتسل إذا احتلم لأنه لا يرى الماء، وفي الحديث: هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال:((نعم، إذا رأت الماء)) فالرؤية كما تكون بالبصر تكون حكماً بخبر من يثبت الخبر بقوله وبشهادته {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} [(٦) سورة الفجر] هل رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فعل الله بعاد؟ لا، لكنه بلغه بطريق قطعي مثل الرؤية {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [(١) سورة الفيل] ما رآه، وعلى هذا إذا ثبت الخبر شرعاً لزم الناس الصوم، ((لا تصوموا حتى تروا الهلال)) يعني ثبت ثبتت رؤية الهلال شرعاً، ورؤية هلال رمضان تثبت بواحد؛ لخبر ابن عمر أن الناس تراءوا الهلال فرآه فأخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- فأمر الناس بالصيام، وخبر الأعرابي الذي رأى الهلال فجاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- مخبراً، فقال له:((أتشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ )) ... إلى آخره فأمر بالناس بالصيام، فالرؤية تثبت بقول واحد، ولا بد من الرؤية بالعين المجردة، ولا يكلف الله الناس أكثر من ذلك، لا يوهم الناس باتخاذ مناظير أو آلات، لكن إن استعملها الناس من أجل إيضاح الرؤية فلا مانع، لكن لو لم توجد ما ألزموا بوجودها، إذا لم يروه بالعين المجردة فلا يلزمهم الصيام، ولا يقال: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب والصيام واجب، ولا يتم الرؤية إلا بآلات بمناظير بدرابيل هذا لا يلزم، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها فلا يلزم، ولا بد من الرؤية، وإذا ثبت الخبر ممن يقبل خبره شرعاً لزم الناس كلهم الصيام، ولو خالف في ذلك من خالف من الفلكين وغيرهم، ومن أهل الحساب، سواءً كانوا منجمين أو حساب، لا عبرة بقولهم، عندنا مقدمات شرعية صحيحة صريحة، كلها تبني الصيام والفطر على الرؤية، ولا التفات إلى قول أحد كائناً من كان، يخالف ما صح