للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والزكاة: هي الركن الثالث بالاتفاق، وهي مأخوذة من الزكاء والنماء والزيادة والطهر، {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [(١٠٣) سورة التوبة] يعني تطهرهم بها، وصدقة الفطر إنما شرعت طهراً للصائم فهي تطهر الدافع من رذيلة الشح والبخل، وتزكيه، وتزكي عمله، والزكاة كما جاء في الخبر ((ما نقص مال من صدقة بل تزده)) مع أن هذه الزيادة (بل تزيده) غير محفوظة ((ما نقص مال من صدقة)) هذا هو المحفوظ، أما الزيادة (بل تزيده) ليست محفوظة، بل لفظها خطأ من حيث العربية، المقصود أن الزكاة تزيد في المال، قد يقول قائل: إذا كان عندي ألف ريال وأخرجت زكاة الألف خمسة وعشرين ريالاً صار تسعمائة وخمسة وسبعين، نقص، وأنتم تقولون: تزيده، نقول: نعم تزيده، ولا تنقصه الصدقة، والواقع يشهد بذلك، فكم من شخص جمع الأموال الطائلة، ومنع حق الله فيها ولم يؤد زكاتها لم يستفد من هذه الأموال، وأصيب بالجوائح التي تجتاح أمواله، وقد يوفر له ماله لكنه توفير حسي لا معنوي، المعنى أنه لا يستفيد منه، وقد يصرفه في غير وجوهه، فيكون وبالاً وعذاباًَ عليه في الدنيا والآخرة، وقد يصرفه في معالجة نفسه أو معالجة من تحت يده من أولادٍ وزوجة وغيرها، كل هذا ابتلاء من الله -جل وعلا-، لما منع الواجب ابتلي، وهذا الواقع يشهد به، وكم من شخص صار ماله وبالاً عليه إذا لم يؤد زكاته.

وزيادة الأموال بالزكاة أمر مشاهد لا يحتاج إلى استدلال، فالذين يؤدون الزكوات على وجوهها يطرح الله -جل وعلا- في أموالهم البركة، وينتفعون منها، ويستفيدون منها أكبر فائدة، وشواهد الأحوال من التجار في القديم والحديث ظاهرة واضحة.