فيلزم أن يذكى مثل ذكاة أمه، وبهذا يقول الحنفية، تغير الحكم أو ما تغير؟ تغير الحكم، وأعظم من ذلك قول الأصمعي وجمع من أهل العلم قالوا: أن الذي يلحن في كلام النبي صلى الله عليه وسلم يخشى عليه أن يدخل في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من كذب علي متعمداً فليتوأ مقعده من النار)) إذا قلت: ((إنما الأعمالَ بالنيات)) يعني أنت قلت على الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما لم يقل، إذا قلت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمالَ بالنيات)) الرسول ما قال هذا الكلام، إنما قال:((إنما الأعمالُ بالنيات)).
فنهتم لهذا الأمر، طالب العلم إذا تعلم النحو ما تعلم الصرف يقع في حرج كبير، الصرف لا بد منه، لكن لا يعني أننا نقرأ الشافية وشروح الشافية، لكننا نقتصر على المختصرات في هذا الفن، يحتاج طالب العلم –أيضاً- إلى علم البيان، وعلم البديع، وعلم المعاني، يحتاج إليها حاجة شديدة ماسة.
يعني كيف نستخرج إعجاز القرآن بغير هذه العلوم، لا بد أن نقرأ هذه العلوم لكي نعرف قيمة هذا الكتاب العظيم الذي تحدى به العرب، بعض الناس يقرأ القرآن وكأنه كلام عادي، كأنه كلام، وهذا الكلام ليس بصحيح، بل إذا عرف هذه العلوم وقرأها وجد أن القرآن لا يضاهيه أدنى أي كلام، والعرب الفصحاء تحداهم الله -جل وعلا- أن يأتوا بمثله، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور، بسورة من مثله، ولكن هل ممكن أن يتحدى العرب أن يأتوا بآية، ما حصل هذا التحدي بآية، ما حصل، لكن آية تعادل أقصر سورة، يمكن أن يتحدى بها، أما مجرد آية، ثم نظر: مدهامتان، العرب لا يعجزون أن يقولون: ثم نظر، فلم يحصل التحدي بآية.
على كل حال طالب العلم طالب العلم لا بد أن تكون متكاملة وشاملة, ولذا يشترطون لمن يتصدى لتفسير القرآن أن يعرف جميع العلوم، أن يعرف جميع العلوم؛ لأنه قد يشكل عليه أشياء في تفسير القرآن لا يحلها إلا فقيه، لا يحلها إلا محدث، لا يحلها إلا لغوي، تشكل عليه بحيث لا يحلها إلا من علماء البلاغة، وهكذا.