لا شك أن الأم مع بناتها عليها مسئولية عظيمة في تربية البنات على العفة والستر والأب من ورائها يحوطهم بذلك، ويحضر لهم ما يحتاجون إليه مما يعينهم على ذلك، كذلك البنات مع الأمهات عليهن من المسئولية مثل ما على الأولاد مع الآباء، وكم من بنت صارت سبب إنقاذ لأسرة بما في ذلك الأب والأولاد، فضلاً عن الأم، هناك كلام لأهل العلم، وله نصيب من الواقع، قالوا: أزهد الناس في العالم أهله وجيرانه، وهذا مشاهد تجد العالم الكبير أولاده إن كان فيهم خير وفيهم حرص وفيهم طلب علم يحضرون دروس مشايخ آخرين، وهذا لا شك أنه خير؛ لكن تجدهم زاهدين في آبائهم، فأزهد الناس في العالم أهله وجيرانه، ولعل السبب في ذلك أن الهيبة والتعظيم والقدر في النفوس إنما يكون مع تمام الحشمة، فالعالم من بعيد تجده محتشم، يعني في الغالب عليه السمت وعليه اللباس الكامل، وقد يكون عليه البشت، والأب تراه على هيئات فيها شيء من ترك الحشمة، أحياناً ما يكون عليه ثوب، وهو بين أولاده وزوجته، فمثل هذه الحالة فلا شك أنه هيبته تقل في نفوسهم، أيضاً كثرة الإمساس، وجوده بينهم في كل وقت وفي كل حين، ويشاهدون تصرفاته، وأن تصرفاته تصفات بشرية، لا شك أن التصرفات البشرية يعتريها ما يعتريها من النقص، فإذا اطلع عليها الأهل والأولاد يعني نزلت قيمته ثم بحثوا عن غيره، بينما غيره من أهل العلم باستمرار على الحشمة ما يرونهم على خلافها فتجدهم يتعلقون به أكثر من تعلقهم بأبيهم أو أخيهم من أهل العلم، بعض الناس عنده حساسية زائدة، ولها نصيب من النضر، يخاف على ولده إذا خرجوا إلى الصلاة من قرناء السوء، أو إذا خرجوا إلى الحلقة في طريقهم ذاهبين وآيبين يمرون البقالة، ويطلع معهم فلان، ويتكلم معهم فلان، يقول: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فأنا لا أتركهم يذهبون الجماعة بالنسبة لهم هم غير مكلفين يصلون في البيت، خشية من قرناء السوء، لا سيما إذا كانت بعيد عن البيت، وكذلك ذهابهم إلى الحلقات، أقول: يا أخي هذا ليس بعلاج، الترك ليس بعلاج، بل لا بد أن يصلوا مع الناس في المسجد، وأن يذهبوا إلى مواطن العلم ويتعلموا، ومع ذلك عليك أن تحوطهم برعايتك وعنايتك، وتكون من ورائهم ومن