نأتي لمن يعمل في مجالكم، في المستشفيات، ويعالجون المرضى، من أطباء ومساعديهم وغيرهم، هؤلاء العلم الشرعي في غاية الأهمية لهم، لأن مجتمعهم لا يسلم من شيء من التعرض للفتنة، فإذا كان الإنسان عنده من العلم الشرعي ما يورثه الخشية لله -جل وعلا-، ينجو من هذه الفتنة ويوفق ويسدد، هذه من جهة، الأمر الثاني أنه قد يطرأ له أحكام تتعلق بالمريض، وتتعلق بكيفية معاملته للمريض لا يعرفها إلا إذا كان عنده قسط كافي من العلم الشرعي، فالأطباء ومعاونوهم في أمس الحاجة إلى العلم الشرعي، وكذلكم هم أيضاً بأمس الحاجة إلى دعوة من يعالجونه ومن يحتاج إليهم؛ لأن المريض كالغريق، يريد بس من يأخذ بيده، أنت إذا كان الإنسان لديك له حاجة تستطيع أن تملي عليه ما شئت، طبيب يعالج مريض، افترضنا أنه حالق لحيته، فجاء الطبيب الذي يرى هذا المريض أنه بالنسبة له كل شيء، يريد أن ينقذه من هذا الغرق الذي هو فيه، من هذا المرض، لو قال له: يا أخي ماذا تستفيد من حلق اللحية، والنصوص التي جاءت في تحريمها معروفة؟ لو قال: أنت مسبل، ماذا تستفيد من كون ثوبك يكنس الأرض وينظفها؟ أنت في غنية لست بحاجة إلى مثل هذا، فهو يقبل من الطبيب، يقبل من صاحب المواعيد، ويقبل من كل أحد في هذا المجال.
فعلينا أن نستغل هذا الظرف، وهذه الفرصة التي سنحت ويسرها الله -جل وعلا- لنا، لو يجي عالم مثلاً ينصح له مريض مثلاً، ويعرف أنه ما يعرف من الطب شيئاً، قال: وش دخلك؟ هذا شأني، لكن لو جاء شخص هو محتاج إليه لا شك أنه يقبل منه، فلا نفوت مثل هذه الفرص، لا التعلم لأننا بحاجة ماسة إليه، ولا الدعوة ولا الصبر، لا بد أن نعرف كيف نتعامل مع المريض؟ المريض مسكين، أصيب بهذا الداء، لا بد أن نربطه بالله -جل وعلا-، وأن نوسع الآمال بسعة رحمة الله -جل وعلا-، وأن مفاتيح الأمور كلها بيده، ولا نعلقه بمخلوق، ولا نعلق هذا المريض بمخلوق، لأنه احتمال ألا يخرج من المستشفى يموت، فيموت على هيئة حسنة، وتعلق بالله -جل وعلا-، وحسن ظن به، ويكون في ميزان حسنات من وجهه إلى هذا.