الأطباء الشعبيون وكثير ممن ينتسب إلى العلم في العصور المتأخرة معولهم في الطب على كتاب اسمه: التذكرة، لداود الأنطاكي، التذكرة في هذا المجلد الكبير فيها بعض الأمراض، وفيها بعض الأدوية، التي تعالج بها هذه الأمراض، سواء كانت مركبة أو مفردة وفيها أغذية، تنفع في هذه الأمراض، لكن كثير من الأدوية لا يعرف كثير من النباتات التي يصفها لا تعرف أسماؤها، فلا يستفاد من هذا الكتاب، كثير من الأغذية التي ذكرها إنما ذكرها لمجرد أنها جربت مرة واحدة فنفعت لهذا المريض، لكن ماذا عن بقية المرضى، احتمال أن يكون هذا المريض عنده مضاد لهذا الغذاء، أو عنده قابلية لمرض آخر بسبب هذا الغذاء، أولاً: وعورة معرفة الأدوية والأغذية التي يذكرها لأن المسميات تغيرت، الأمر الثاني: أن التجارب ناقصة، ليست عن استقراء تام، كما هو شأن الطب الحديث، لأنه قد يجرب هذا الدواء نفع لفلان، فيظنه ينفع لجميع الناس والأمر ليس كذلك، قد يكون الإنسان مصاب بمرض آخر يزيده هذا العلاج أو هذا الغذاء يزيد مرضه الثاني، فيحصل عنده تعارض، فمطلوب من الأطباء أن يبذلوا في هذا المجال شيئاً ييسر للناس، ما كل الناس يرغب في مراجعة المستشفيات، بعض الناس يمكن يصاب بعاهة أو بأمر عظيم ولا يراجع، إما لكونه لا يرغب في هذا، أو لكون التكلفة عليه كبيرة لا يستطيعها.
إضافة إلى أن هذه الكتب فيها شعوذة، وفيها طلاسم، وقع بسببها كثير من الناس في السحر والاستعانة بالشياطين وهو لا يشعر، لأنها ألفت في عصور مظلمة، والكتاب هذا مشحون من الطلاسم، وفيها أيضاً استعانات، وفيها تعلق بحيوانات أو بطيور أو بأجزاء من الطيور، من وضع رأس الهدهد في وسادته صار له كذا، وعوفي من كذا، من استعمل كذا، مما يستعان فيه بغير الله -جل وعلا-.
وفيه أيضاً أرقام وحروف وأشياء هي إلى السحر أقرب، مثل هذه الأرقام، وفيها حروف مقطعة لا يدرى، وفيها كلمات هي إلى السحر أقرب، فلا نجعل عامة المسلمين يرجعون إلى مثل هذه الكتب، ونحن لدينا القدرة في تصنيف ما ينفع الناس في هذا المجال، والله المستعان.