وقد رأيتُ بنفسي طفلين -هما شقيقان- أحدهما في العاشرة، والثاني في الحادية عشرة، يقول والدهم. . . . . . . . . حفظا القرآن، وحفظا الصحيحين بالأسانيد، والآن هما بصدد حفظ أبي داود والترمذي، يومياً يحفظان خمسين حديث من سنن أبي داود بأسانيدها، وخمسين حديث من سنن الترمذي بأسانيدها، هذه الحافظة التي تسعف، وبعض طلاب العلم يعانون في حفظ الآية، يرددها حتى يمسي، وإذا أصبح بدأ من جديد، و {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(٢٨٦) سورة البقرة] ومثل هذا لا ييأس، مثل هذا يعوِّد بالحرص والدأب على الطلب من غير انقطاع، ومثل هذا لو لم يحصل علماً البتة يكفيه أن يندرج في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)).
وقد زاملنا بعض كبار السن ممن هو في الثمانين من العمر وهم يطلبون العلم، موجود في حلقات التحفيظ منذ ستين أو سبعين سنة، إنما هو مجرد بركة وللاندراج في هذا الحديث، وإلا إذا نوقشوا أو سئلوا -سألهم الشيخ- فإذا بهم لا شيء، ومثل هذا لا ييأس، ألا يكفي الإنسان أن يسهل الله طريقه إلى الجنة؟ هذا يكفي مثل هذا، ولا شك أن مثل هذا جهاد.
فإذا أراد طالب العلم أن يحفظ فليبدأ بكتاب الله -جل وعلا-، وإذا كانت الحافظة تسعفه فلا يخلط معه غيره، إذا كان يستطيع أن يحفظ القرآن في ثلاثة أشهر كما فعل بعضهم، يذكر في ستين يوم الآن، لكن من الشيوخ المعروفين من حفظ خلال ثلاثة أشهر، منهم من حفظ خلال ستة أشهر، ومن حفظ خلال سنة، لكن إذا كان يتمكن من حفظ القرآن من غير خلط، ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر أو خمسة أشهر أو ستة أشهر، فمثل هذا لا يخلط معه غيره، ليضمن حفظ القرآن.