فتبدأ بالصحيح وتقرأ الترجمة الكبرى، كتاب كذا، ثم الترجمة التي تليها باب كذا، هذه الترجمة التي ترجم بها البخاري من عنده هذا فقهه، وبه يتمثل الفقه السلفي، فقه أهل الحديث، فإذا أتيت إلى الحديث في الموضع الأول، وقرأت ترجمة البخاري واطلعت على ما ساقه البخاري من آثار موقوفة ومقطوعة عن الصحابة والتابعين في توضيح هذه الترجمة، كلام نفيس تستغني عنه وتقتصر على المختصرات؟ المختصِر من وجهة نظره رأى أنك لست بحاجة إلا إلى ما ذكر، لكن أنت قد تكون بأمس الحاجة إلى ما حذف، فإذا قرأت الترجمة وفهمت فقه البخاري، ثم فهمت فقه السلف الذي دعم به البخاري فقهه، ثم أتيت إلى الحديث المرفوع بسنده وأنت بحاجة ماسة إلى معرفة رجال الصحيح ليوفر لك الجهد إذا مر عليك هؤلاء بكتابٍ لم تلتزم صحته، أنت عندك حديث في مسند أبي داود ما تدري هو صحيح وإلا لا؟ لكن تعرف أن هؤلاء الرواة من رواة الصحيح، مروا عليك وأنت تدرس صحيح البخاري، لكن لو اقتصرت على المختصر ما استفدت، إذا ما أمسكت الحديث الأول بهذه الطريقة ثم ذهبت إلى أطرافه والحمد لله الكتاب مخدوم، الحديث الأول خرج في سبعة مواضع، ترجع إلى هذه المواضع، شوف تراجم البخاري على هذا الحديث، واستنباط البخاري من هذا الحديث، وهذا فقهه، استنبط من الحديث فوائد كثيرة جداً، أودعها في هذه التراجم، ودعم هذا الفقه بفقه السلف من الصحابة والتابعين، وأردفه بالحديث المرفوع، ولا يمكن أن يكرر البخاري حديثاً بإسناده ومتنه في موضعين إلا نادراً، يعني في عشرين موضع فقط، يعني خمسة آلاف أحاديث مكررة، ما فيها ما كرره البخاري بإسناده ما فيها إلا عشرين فقط، وأما الباقية فلا يكرر حديث إلا لفائدة، سواء كان في متنه أو في إسناده، ولو في صيغ الأداء، فتجده أحياناً يقول: عن فلان، وفي الموضع الثاني يقول: حدثنا فلان، طالب العلم بحاجة ماسة إلى معرفة هذه الأمور، إذا كان يريد أن يكون طالب علم بحق.