أولاً: لا يشك أحد ولا يجادل ولا ينازع في أن المتأخرين عالة على المتقدمين، وأنه لا علم عند المتأخرين وصل إليهم إلا عن طريق الأئمة الكبار الذين هم عمدة هذا الشأن؛ لكن من يخاطب بمثل هذا الكلام، يخاطب به المنتهي، أما طالب العلم المبتدئ يخاطب بمثل هذا الكلام هذا تضييع له، لا بد أن يتعلم على طريقة المتأخرين، وعلى جادتهم، ثم بعد ذلك إذا تأهل بعد أن يتقن هذه القواعد على الطريقة المشروحة بدأً بالنخبة ثم اختصار علوم الحديث لابن كثير، ثم الألفية وشروحها، ويكثر مع ذلك من التخريج والدراسة للأسانيد, ويعرض أعماله على أهل الاختصاص، فإذا صوبوا عمله، وقارن أحكامه بأحكام الأئمة من المتقدمين والمتأخرين، بعد ذلك تحصل لديه ملكة، يستطيع بواسطتها أن يحاكي المتقدمين، أما إذا قيل له: اعتني بكتب المتقدمين، فإذا اعتمدنا شرح علل الترمذي لابن رجب إيش فيه من القواعد التي يحتاجها طالب العلم المبتدئ؟ هل فيه كل شيء مما يحتاج إليه؟ لا، لا بد أن يطلب العلم على الطريقة والجادة المعروفة، ثم بعد ذك إذا تأهل وعرف القرائن التي بها يرجح قول إمام على قول إمام آخر، حينئذ، وصار في مصف المتقدمين مع أن دون ذلك خرط القتاد، يوجد الآن من طلاب العلم من تبنى هذا الرأي من سنين طويلة؛ لكن هل نستطيع أن نقول: هذا الشخص بعد عشرين، خمسين سنة من الآن يبي يحاكي أحمد أو ابن معين أو الحاكم والرازي، من المستحيل، يعني شخص ما يحفظ، عمدته على العمل والنظر في الأسانيد المرسلة من خلال أقوال العلماء، أحياناً من خلال أقوال المتأخرين، يعني أنه إذا تسنى له الاجتهاد في التصحيح والتضعيف في نوع من المتون، كيف يتسنى له أن يجتهد في كل راوٍ راو من رواة هذه الأحاديث الذين بلغوا مئات الألوف، الرواة بلغوا ألوف مألفة، وكل راوٍ من هؤلاء الرواة تجد فيه من الأقوال المتعارضة المتناقضة الشيء الكثير تجد أحياناً بعض الرواة عشرين قول، فتريد أن تجتهد لتحاكي المتقدمين في تصحيح كل حديث حديث بنفسك، على شان تتأهل تتقوى لديك القرآن التي تحكم بها تحاكي بها المتقدمين، وحكمك على هذه الأحاديث مبني على النظر في كل راو راو من رواة هذه الأحاديث، بالنظر إلى جميع ما قاله