من أعظم المصائب على هذه الأمة موت نبيها -عليه الصلاة والسلام- الذي لا يمكن أن يصل أحد إلى شيء من العلم إلا من طريقه -عليه الصلاة والسلام- لكنه تركنا على المحجة على البيضاء ليلها كنهارها، ترك فينا الكتاب والسنة، ولا شك أن موت العلماء وكل بحسب نفعه للأمة، بحسب نفعه وما يقدمه من نفع متعدي، فجيعة موت العلماء فاجعة، وثلمة في الدين لا تسد، وأدركتم شيء من هذا بموت بعض العلماء الراسخين في هذه البلاد وفي غيرها، تركوا ثلمة لا تسد، ولا شك أن الخير موجود في أمة محمد، وهذه البلاد -ولله الحمد- محط أنظار العالم كله، وفيها من العلماء العاملين، فيها العباد والزهاد، وفيها الدعاة والقضاة، والخير موجود، وطلاب العلم لا يحصرهم عدد -ولله الحمد-، وجلهم -ولله الحمد والمنة- على الجادة، والله المستعان.
ومن شرف العلماء أن الله -جل وعلا- أمر بسؤالهم والرجوع إلى أقوالهم، فقال تعالى:{فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(٤٣) سورة النحل] وأهل الذكر هم أهل العلم بما أنزل الله على أنبيائه، والذكر يدخل فيه دخولاً أولياً القرآن {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [(٩) سورة الحجر] المراد به القرآن، وليس في هذا مستمسك لما يروجه بعض المتصوفة أن الذين يُسألون هم أهل الأفكار المبتدعة من شيوخهم، يقول قائلهم: الله -جل وعلا- ما قال: اسألوا أهل العلم، قال: اسألوا أهل الذكر، يقول: ما المراد بالذكر؟ فالله -جل وعلا- يقول:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [(٩) سورة الحجر] ما هذا الذكر؟ هو القرآن، فالذي يسأل هم أهل القرآن الذين عنوا بكتاب الله -جل وعلا- حفظاً وقراءة وتعلماً وتعليماً وتدبراً وتفقهاً هم العلماء العاملون.