ليحذر طالب العلم أيضاً الكبر، يعني إذا كان ممن أوتي مزيد من حفظ، أو فهم لا يتكبر على غيره؛ لأن المتكبر يصرف عن الإفادة من العلم الشرعي، لا سيما ما يتعلق بالقرآن الكريم، الذي هو أصل العلوم، كلها كما قال -جل وعلا-: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [(١٤٦) سورة الأعراف] المتكبر يصرف عن آيات الله، وبهذا رد مفتي حضرموت الشيخ عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف رد على من اتهم شيخ الإسلام بن تيمية بالكبر؛ لأن بعض من ترجم له نبزه بالكبر، شيخ الإسلام إمام من أئمة المسلمين، إمام علم وعمل وتواضع وتقوى ونشر للعلم وجهاد في سبيل الله، ويأتيك من ينبزه بمثل هذا، ماذا قال مفتي حضرموت عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف له محاضرة ألقاها في تحقيق الفرق بين العامل بعلمه وغيره، نفى الكبر عن شيخ الإسلام ابن تيمية، قد يكون ممن يختلف مع شيخ الإسلام في بعض الأمور؛ لكنها كلمة حق، نفى الكبر عن شيخ الإسلام ابن تيمية، واستند في نقض كلامه -كلام الذي ادعى هذه الدعوى- إلى أنه رأى القرآن على طرف لسانه، وأثلة قلمه، كيف يفسر القرآن لمثل هذا وفيه شيء من الكبر؟ وعلق الإمام البخاري عن مجاهد:"لا يتعلم العلم مستحيي ولا مستكبر" مستحيي بياءين "مستحيي ولا مستكبر" لا شك أن الذي يستحيي والمراد بالحياء الحياء العرفي لا الحياء الشرعي؛ لأن الحياء في الشرع خير كله، والحياء لا يأتي إلا بخير؛ لكن الحياء في عرف الناس الذي يمنع من تحصيل العلم، ويمنع من إنكار المنكر، ويمنع من توجيه الناس ونصحهم وإرشادهم مثل هذا مذموم، وحينئذ لا يدرك من العلم من اتصف بهذا الوصف، وهو الحياء الذي يمنعه، قد يجلس الطالب وفي نفسه أشياء مشكلة، فيستحيي أن يسأل الشيخ، وبلفظ آخر يخجل أن يسأل الشيخ، فتستمر هذه الإشكالات عنده، فكيف تنجلي هذه المشكلات إلا بالسؤال، "ولا مستكبر" قد يستكبر ويستنكف ويترفع على أن يسأل هذا السؤال بين الناس، ويظهر للناس أنه فوق مثل هذا السؤال، وبهذا يحرم العلم.