طالب العلم ينبغي أن يتفقد القلب، والقلب لا يخفى عليكم أنه جميع الخطابات الشرعية جاءت موجه إلى ماذا؟ إلى القلب ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)) {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [(٨٨ - ٨٩) سورة الشعراء] فالقلب على طالب العلم أن يعنى به، ويترفع عن هذه الأمراض والأدواء، أيضاً على طالب العلم أن يطرح الكسل، ويشمر عن ساعد الجد في الطلب، فإن العلم لا ينال براحة الجسد، نقله الإمام مسلم عن يحي بن أبي كثير، العلم لا يستطاع براحة الجسم، ما هو بتمني المسألة، وإلا كان كل الناس علماء، كل يعرف منزلة العلماء؛ لكن دونه خرط القتات، لا بد من الجد والاجتهاد، لا بد من ثني النفس وغسلها عن شهواتها، وما حصل أهل العلم ما حصلوا إلا بالسهر، إذا أراد الطالب سلوك هذا الطريق، بعد أن يبذل الأسباب، ويسعى في البراءة من هذه الموانع التي أشرنا إلى بعضها، يسلك أسباب التحصيل، ويبرأ من الموانع، فليسلك الجواد المعروفة عند أهل التحقيق من العلماء الراسخين، الذين يربون طلابهم على العلم النافع والعمل الصالح على الكتاب والسنة وعقيدة أهل السنة والجماعة، وفي هذه البلاد -ولله الحمد- العلماء العاملين الناصحين لهذه البلاد القدح المعلى، وهي أيضاً محط أنضار العالم كله في العلم والفتوى، وحينئذ يبدأ بمن يراه يفيده من الشيوخ؛ لأن الشيوخ مدارس، فالشيخ له طريقته ومنهجه في التعليم، قد يناسب هذا، وقد لا يناسب هذا، ثم ليتخير من المتون ما يناسب سنه وفهمه، من المتون المختصرة في العلوم المعتبرة عند أهل العلم في كل فن مقدم بين يدي ذلك حفظ كتاب الله -عز وجل-، ولو تفرغ في أول الأمر في حفظ القرآن الكريم كاملاً ثم طلب غيره من العلوم ليضمن حفظ القرآن؛ لأن من العلماء تختلف طريقتهم في هذا الأمر فأهل المشرق لهم طريقة، وأهل المغرب لهم طريقة، طريقة المغاربة يجعلون الطالب يحفظ القرآن كاملاً، ولا يدخل عليه شيء من الحفظ، فإذا انتهى من حفظه طلب غيره من العلوم، وإذا ضمن حفظ القرآن اتجه إلى الأمور الأخرى، أما المشارقة فطريقتهم تختلف في