لا شك أن العلم يحتاج إلى مقومات منها الغريزي، ومنها المكتسب، فمما يحتاج إليه المتعلم الحافظة التي تعينه على ثبات ما يقرأ والفهم؛ لأن الحفظ وحده لا يكفي، والفهم وحده لا يكفي، والفهم وحده لا يكفي، لكن هذه هبات من الله -جل وعلا-، فبعض الناس يشكو من ضعف الحافظة، وبعض الناس يشكو من بطء الفهم، والناس يتفاوتون، وقد جمع الله -جل وعلا- لبعض الناس الحفظ مع الفهم، ووفقهم لسلوك الجادة والطريق من أوله، فاختصروا المدة في تحصيل العلم، بعض الناس عنده حافظة وعنده فهم، لكن لا يوفق للطريق من أوله، تجده في أول الأمر يتخبط، فإذا أفاق فإذا به قد فاته شيء من السن الذي يؤهله للحفظ والفهم، ثم بعد ذلك إما أن يواصل أو ييأس فينقطع، بعض الناس عنده الحافظة القوية، وبعضهم يشق ويصعب عليه الفهم، فمثل هذا عليه أن يعالج ويعاني فهم ما يحفظ وما يقرأ يردده حتى يفهم، يقرأ الشروح، يقرأ الحواشي، يسأل أهل العلم عما يشكل عليه، وإذا أدام النظر في الشروح، إذا أدام النظر في شروح الكتب سواءً كانت من تفاسير القرآن، أو من شروح كتب الحديث، أو المتون العلمية، إذا أدام النظر فيها، فإنه حينئذٍ يتولد عنده ملكة لفهم النصوص، وفهم أقاويل أهل العلم؛ لأن بعض الناس يعنى بالمتون، وليس لديه مُكنة من النظر في الشروح، ويقول: إن هذه الشروح طويلة وتعوق عن التحصيل، الشروح لا بد منها؛ لأنك لا بد أن تفهم هذا العلم على الجادة، على جادة أهل العلم وعلى طريقتهم، وإلا فلا شك أنك ستظل في الفهم، فأنت إذا كنت لديك الحافظة، وليست لديك الفهم فإن عليك أن تعاني كلام أهل العلم في شرح النصوص وشرح المتون، وبعد ذلك بعد مدة يتيسر لديك الفهم، تتولد لديك الملكة وتعينك -بإذن الله- على فهم ما تقرأ.