تأتي إلى البخاري، وتجعله المحور والأساس الذي تدور عليه، وهذه مرحلة لاحقة بعد حفظ المتون المعتبرة عند أهل العلم في الفنون، وعلى حسب الترتيب الطبقي لمستويات الطلاب.
تأتي إلى الحديث الأول في البخاري، وتجد الإمام البخاري خرجه في سبعة مواضع، تنظر في هذه المواضع كلها، وتنظر بم ترجم البخاري على هذا الحديث في هذه المواضع، وتقارن بين الأسانيد في المواضع السبعة، هل هي متطابقة؟ مختلفة؟ هل زاد البخاري في هذا الموضع على الموضع الآخر؟ هل تغير بعض الرواة؟ هل تغيرت صيغ الأداء؟ كل هذا مؤثر في فهم السنة، وفي تحصيل هذا العلم العظيم.
إذا انتهيت من المواضع، تنظر في مطابقة الحديث للترجمة التي وضعها البخاري عنواناً لهذا الحديث، وتربط هذا الحديث بترجمته، وتنظر في أقوال السلف من الصحابة والتابعين التي يذكرها المؤلف -رحمه الله تعالى- تحت هذه الترجمة؛ لأنها خير معين على فهم الحديث.
وإذا نظرت في المواضع السبعة على هذه الطريقة، تكشف لك أمور، لا تتكشف لك إذا اقتصرت على موضع واحد كما هو شأن المختصرات؛ لأنه أحياناً يختصر البخاري، وأحياناً يبسط، أحياناً تجد كلمة تفتح لك آفاق في فهم هذا الحديث، وكم حصل من الخبط بالنسبة للشروح والخلط التي لا يُعنى مؤلفوها بالنظر في أطراف الحديث، ثم إذا أنت انتهيت من هذه المواضع تنظر إلى حديث في صحيح مسلم بطرقه وألفاظه، وبما ترجم عليه الشراح؛ لأن مسلماً لم يترجم الكتاب.
ثم بعد ذلك تنظر في سنن أبي داوود ثم في الترمذي والحديث مخرج عند الجماعة، بهذه الطريقة يكون لديك التصور كامل للحديث، وبهذه الطريقة تتفقه في السنة ويكون عندك فقه الحديث على طريقة أهل الحديث.
كيف تقرأ القرآن؟ وكيف تفهم القرآن؟
لأنه لابد من أن نبدأ بأصل الأصول.
القرآن محفوظ بين الدفتين؛ فلذلك لا تتعب في مسألة ثبوته كالسنة، ولا في جمع طرقه، ولا غير ذلك، تقرأ القرآن على الوجه المأمور به، وهذا يكون بعد الحفظ إن تيسر؛ لأن ما يأتي الحفظ، الحفظ ما يتيسر لكل الناس -مع أن الله جل وعلا قد يسر القرآن- {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [(١٧) سورة القمر].