لكن قد يقول قائل: العمر لا يستوعب إذا كان هذا فن واحد ونحتاج إلى هذه الكتب؟ نقول: نعم، تحتاج إلى هذه الكتب، وبعض طلاب العلم قد تتقدم به السن ويتسلم المناصب، ويسود على غيره ويتصدر لتعليم الناس وإرشاد الناس ووعظهم وتوجيههم ولو تسأله هل قرأت تفسيراً كاملاً؟ يقول لك: ما قرأت تفسيراً كاملاً.
فإذا اختصر تفسير ابن كثير وانتهى منه ثم اِرتقى إلى البغوي والطبري ثم نظر في كتب التفاسير الأخرى المتنوعة الفنون ممن يعنى بالعلوم الأخرى المعينة على فهم القرآن كفروع علوم اللغة من نحو وصرف ومعاني وبيان وبديع وإعجاز وغير ذلك.
وأيضاً: ينظر في كتب أحكام القرآن، كتب أحكام القرآن موجودة -مع الأسف أنها موجودة على المذاهب عدا المذهب الحنبلي- الآن المتداول بين الناس، فتجد أحكام القرآن لابن العربي على مذهب مالك، إلكيا الطبري الراسي على مذهب الشافعي، الجصاص على مذهب أبي حنيفة.
لا مانع أن يتخذ على طالب العلم آلية تعينه على فهم هذه الكتب فينظر في آيات الأحكام ويراجع لها هذا الكتب، ويثبت المذاهب الثلاثة من هذه الكتب، ثم بعد ذلك يأتي بالمذهب الحنبلي من كتب الفقه الحنبلي فيسدد هذا النقص.
وإذا انتهى من هذه الكتب الثلاثة، المسألة ما هي بمسألة سواليف أو مسألة استرخاء، يقول: والله أنا عندي روحات وجيَّات وأسفار ورحلات وهو بيقرأ هذه الكتب، ما يمكن، فلا بد أن يقتطع من عمره سنين حتى يثبت العلم في قلبه، وإلا لو كان العلم بهذه السهولة كان كل الناس علماء؛ لأننا نرى رفعة العلماء في الدنيا فضلاً عن الآخرة، كان كل الناس علماء، وفي أسواق المسلمين من يفوق في الفهم والحفظ والذكاء كثير ممن ينتسب إلى العلم، كان هؤلاء علماء، لكن دون تحصيله هذا التعب الشديد، فنحتاج إلى أن نعتكف لقراءة هذه الكتب، فإذا نظرنا في هذه الكتب على هذه الطريقة وجمعنا بين أقوال أهل العلم، مذهب أبي حنيقة نأخذه من الجصاص، مذهب مالك نأخذه من ابن العربي، مذهب الشافعي نأخذه من إلكيا الطبري، والمذهب الحنبلي نأخذه من المغني إيش المانع؟ ما الذي يمنع؟ نراجع هذه المسائل في المغني ونضيف حقل رابع للمذهب الحنبلي، إذا انتهيت من هذه الكتب.