ما تجد أحد من الزنادقة والملاحدة تكلم في المقلين من الصحابة، ما في أحد تكلم فيمن لم يروِ إلا حديث واحد أو اثنين، أبيض بن حمال ما تكلم فيه أحد، لماذا؟ لأن الذي يتكلم في مثل هؤلاء يحتاج إلى أن يتكلم في ألف من الصحابة، لكن إذا تكلم في أبي هريرة يهدم الدين؛ لأن أبا هريرة حافظ الصحابة، وعرفنا السبب في كونه حفظ، دعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- لما بسط رداءه فما نسي شيئاً بعد ذلك، وأيضاً لزم النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالملازمة تورث المعرفة، ولذا أهل العلم يقدمون في الرواية بطول الملازمة للشيوخ، الراوي الذي يطيل الملازمة للشيوخ مقدم على من لم تطل ملازمته لهم، فأبو هريرة -رضي الله عنه- لزم النبي -عليه الصلاة والسلام- على شبع بطنه، لا يريد غير ذلك، لا يريد إلا ما يقيم صلبه، ليس له غرض في شيء من أمور الدنيا أبداً، لماذا؟ لأنه عرف الهدف الذي من أجله خلق، وهو تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، ونأى بهذا الحمل العظيم، وحمله على خير ما يرام، وعلى أكمل وجه -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، وبلغه إلى من بعده، واستحق الدعوة النبوية ((نضر الله امرأً سمع مني حديثاً فوعاه ثم أداه كما سمعه)) هذا أبو هريرة.
توفي -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين بالمدينة.
والحديث جاء بألفاظ، ومما يذكر في سببه، سبب ورود الحديث ما خرجه الشيخان أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا)) قام فيهم خطيباً فقال: ((أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا)) فقام رجل فقال: يا رسول الله أفي كل عام؟ فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسألتهم واختلافهم على أنبيائهم)) هذا هو السبب، ولو نظرنا إلى حال الأمم السابقة وجدنا أنها ابتليت بما كان سبباً لهلاكهم، ابتلوا بالأغلال والآصار بكثرة مسائلهم، فعلى سبيل المثال اليهود، لما أمروا بذبح بقرة، أمروا بذبح البقرة، لو خرجوا إلى السوق واشتروا أي بقرةن أدنى بقرة، امتثلوا الأمر، لكنهم قالوا ماذا قالوا؟ نعم؟