يعني ما كأن الأمر يعنيه، مع أن العالم أو المتعلم هذه وظيفته، هذه وظيفة العالم بيان الحق من الباطل، فإذا عاملنا ابن الراوندي مثل ما نعامل أئمة الإسلام، وأضفنا عليه من الثناء والمدح، ولو في فنه، مثل ما يضاف إلى علماء المسلمين، كيف يفرق طالب العلم.
الحافظ ابن كثير له تنبيهات مهمة جداً، وله أيضاً عناية بالتراجم، أكثر من ابن الأثير، وأيضاً يفيد طالب العلم من تاريخ ابن خلدون، وفيه تحليل للأحداث، ولا شك أن هذا يفتح آفاق لطالب العلم، يحلل بها الأحداث المماثلة بدلاً من أن يتخبط كما يتخبط الناس الآن، -مع الأسف- حتى بعض طلاب العلم يخرجون في وسائل الإعلام، ثم بعد ذلك يتحدثون عن بعض القضايا المعاصرة، كأنهم صحفيون، توقعات كلها، ما كأنهم يأوون ويرجعون إلى نصوص، فطالب العلم بحاجة إلى قراءة كتب التواريخ والأدب.
هناك كتب الأدب متفاوتة، فيها المسف، وفيها النزيه إلى حدٍ ما، فـ"زهر الآداب للحصري" نظيف إلى حدٍ ما، وأيضاً نزهة المجالس وأنس المجالس لا بن عبد البر كتاب نفيس، هذا في كتب أدب الدرس، أما في كتب أدب النفس فعلى طالب العلم أن يعنى بها عناية فائقة، كالآداب الشرعية لابن مفلح، منظومة الآداب مع شروحها لابن عبد القوي، هذه في غاية الأهمية لطالب العلم، المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية للشيخ حافظ حكمي، أيضاً في غاية الأهمية لطالب العلم؛ فطالب العلم عليه أن يُعنى بهذه الكتب، ويستفيد منها من أدب النفس ما لا يجده في غيرها من الكتب.
والطريقة لقراءة هذه الكتب على ما ذكرنا، المقطع الذي يحتاج إلى حفظه يعلم عليه بعلامة ما يراد حفظه، والمقطع الذي يراد فهمه وإعادة النظر فيه كذلك، والذي يراد نقله كذلك .. إلى آخر ما ذكرنا، والكتب كثيرة لا يمكن أن تنتهي، والعلم دربه طويل لا يمكن أن يقطع بمرحلة أو مراحل، فعلى طالب العلم أن يوطن نفسه على هذا، وحينئذ إذا صاحب ذلك الإخلاص، والجد فإن طالب العلم حينئذٍ يوفق ويسدد.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.