النبي -عليه الصلاة والسلام- بعثه الله بشيراً ونذيراً، مبشراً لمن أطاع واتبع، ومنذراً لمن خاف وعصى، وبلغ ما أرسل به، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، ومات -عليه الصلاة والسلام- بعد أن كمل الدين، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [(٣) سورة المائدة] فمن يزعم أنه يكمل الدين بشيء كان فيه نقص فهو ضال، ومن أحدث في الدين ما لم يسبق له شرعية من كتاب ولا سنة فهو مبتدع، وكل بدعة ضلالة، فهو ضال أيضاً، فالدين ليس بحاجة إلى تكميل من أحد، بل هو كامل قبل وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وليس بحاجة إلى ترويج، نعم هو بحاجة إلى علماء يبينون وإلى دعاة ينشرون، لكن ليس بحاجة إلى ترويج، ولذا ضل فريق من المتعبدة الذين يعبدون الله على جهل وضلال أن الناس قد انصرفوا –على حد زعمهم– عن الدين فأرادوا أن يردوهم، وأن يروجوا الدين بأخبار وقصص ينسبونها زوراً وبهتاناً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من أجل أن يرغبوا الناس في الدين، والدين كامل شامل لجميع نواحي الحياة، لجميع ما يحتاجه الناس من الولادة إلى الوفاة.
وضعوا الأحاديث ترغيباً في الدين، وصرفاً لهم عن ما يشغلهم عنه، وهؤلاء قوم ضلال، ولا يكفي في ذلك صحة الهدف، يعني كون الناس يرجعون إلى الدين هدف نبيل، لكن كيف تحقق هذا الهدف النبيل؟ تحقق هذا الهدف ببيان الدين وإجلائه وتوضيحه للناس، لا بترويجه بالأحاديث والقصص الكاذبة، ولذا اشتدت الحاجة إلى أهل العلم إلى الراسخين الذين قد بنوا علمهم على ما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، بنوا العلم على الأساس المتين من نصوص الوحيين، وتعلموا ما يعينهم على فهم هذه النصوص، ولذا صارت الجادة المطروقة عند من يريد أن يكون ممن أراد الله به الخير وفقهه في دينه بنى علمه على كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وتعلم ما يعينه على فهم الكتاب والسنة.