النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو المؤيد بالوحي يُسأل فيسكت، ينتظر من أهل العلم من يقول: إنه ينتظر الوحي، ومنهم من يقول: ينتظر يسكت ليربي من يفتي بعده؛ لئلا يتسرع؛ ولئلا يتعجل، ومع الأسف أننا نجد من يتصدى للفتوى في هذه الأزمان من يسارع، ويجيب على السؤال قبل تمامه، وأحياناً يجيب بضد المطلوب، والأمثلة كثيرة، سمعتم وتسمعون، شخص يسأل في وسيلة من وسائل الإعلام يسأله شخص، يقول: إن ولده يضربه، تصور الولد يضرب الابن، والأب هو السائل يقول: إن ولده يضربه، وأريد أن تسدي له نصيحة مباشرة قال: الأدب شرعي، والولد لا بد له من الأدب، وكون الوالد يضرب ولده هذا أمر مطلوب، ((واضربوهم عليها لعشر)) فهم عكس المراد، فهم أن الابن هو الذي يشكي أباه، أو يسأل عن حال أبيه، ويطلب توجيه للأب أنه يخفف عليه ولا يضربه، عكس المراد، والأمثلة على هذا كثيرة.
ولذا يتصدى كثير الآن مع الأسف الشديد، ومع الانفتاح الذي يعيشه الناس، ومع قلة الورع قد يكون هناك علم، لكن الورع أين الورع؟ يصعب عليه أن يقول: لا أعلم، يشق عليه أن يقول: لا أدري، من غاب عنه لا أدري لا بد أن يقع؛ لأنه مهما كان من العلم لن يخرج عن قول الله -جل وعلا-: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [(٨٥) سورة الإسراء] فالفتوى تحتاج إلى علم، وتحتاج أيضاً إلى دين ليكون قدوة، إذا أجاب يعمل بقوله، وإلا إذا لم يوجد الدين ولو وجد العلم، يبين له الحكم ويخالف الحكم لن يعمل بقوله ولن يقتدى به، ويحتاج المفتي أيضاً إلى الورع.
بعض السلف إذا سئل عن مسألة انتفض، وأصابته الرحضاء، وعرق عرقاً شديداً ولو كان في الشتاء، لماذا؟ لأن الفتوى مزلة قدم، أنت تخبر عن من؟ يعني إذا كان الكذب على آحاد الناس حرام، والكذب على الرسول:((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) والكذب على الله -جل وعلا- أعظم.