كون الفتوى تختلف من أهلها أولاً: كون الفتاوى التي فيها شيء من الاختلاف من أهل العلم الذين يوثق بعلمهم، من أهل العلم الراسخين الذين لهم النظر والاجتهاد وتوافرت فيهم الشروط، أولاً: لا ينبغي إشاعتها بين الناس، مثل ما تقدم، بعض الناس يسيء الظن بالدين، ومرده إلى اجتهاد المجتهدين لا إلى الدين، فإذا سئل العالم وأفتى بما أداه إليه اجتهاده حصل له الأجر، لكن ليس معنى هذا أنه يعرف أنه يوجد من يخالفه، وهو من أهل النظر والاجتهاد، ودليله له حظ من النظر أن يشيعه بين الناس؛ لأنه يحصل بهذا الاضطراب، ويحصل مثل ما يقول، يحتار الناس، تحصل الحيرة بمثل هذا، فلا مانع أن يجتهد، وهذا هو الأصل أن يجتهد الإنسان فإذا أفتى على ما يؤديه اجتهاده بعد التجرد لله -جل وعلا- ولو أخطأ، لكن لا يشاع بين الناس القول وضده، واحد يقول يجوز وواحد يقول: لا يجوز، ويزعم بعض الناس أن هذا من السعة في الدين، ومن التيسير على الناس، ويستدل بحديث لا أصل له يقول:"اختلاف أمتي رحمة"، والله -جل وعلا- يقول:{وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ} [(١١٨٧ - ١١٩) سورة هود] الرحمة في عدم الاختلاف، لكن إذا وجد الاختلاف الذي رتب عليه أجر لا مانع من وجوده، وهو شرعي والصحابة اختلفوا، ولا مانع من ذلك، لكن على أن لا يضطرب الناس في هذا الباب، أو يترك الناس يتخيرون، والله شوف اللي يفتيك بالحلال أو بالحرام، تخير، العامي لو كان أهل للنظر والتخير ما يحتاج إلى أن يستفتي، فمثل هذا ينبغي أن لا يشاع بين الناس بقدر الإمكان.
يقول: البعض من الناس قد يستفتي عن مسألة عند شيخ، ثم يقوم بعدم قبول تلك الفتوى ويسأل شيخاً آخر، وكذلك حتى يحصل على ما يرضيه من الفتوى؟
هذا هو الذي ذكرنا أنه متبع لهواه، فإذا سأل من تبرأ الذمة بتقليده، ويثبت ذلك بالاستفاضة بين الناس يلزمه قوله؛ لأن فرض العامي سؤال أهل العلم، والله -جل وعلا- يقول:{فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [(٤٣) سورة النحل].