نعرض لأقوال سلف الأمة ولطريقة السلف في الفتوى، وتهيبهم للفتوى، وتتدافعهم، وتدارئهم الفتوى، حتى قد كانت الفتوى تمر على العدد الكبير من سلف هذه الأمة ثم تعود إلى الأول، يتدافعونها، ويتدارؤنها، ثم بالمقابل من يتكلم عن هديهم تعرض عليه الأسئلة فلا يسلك مسلكهم، فالذي يخشى منه أن يكون العمل مكذباً للقول، ولا شك أن مثل هذا مزلق خطير، والمسألة عن الفتوى فيها النصوص الكثيرة التي منها ما يدعو إلى الإقدام ويشدد فيه، ويجعل من لا يقدم عليه ممن يكتم العلم وله الوعيد الشديد في نصوص الكتاب والسنة، وبالمقابل من يجرؤ عليه، له بالمقابل وعيد شديد، فمن المأمور، ومن المنهي؟ من المأمور بالفتوى، ومن المنهي والمحذر منها؟ نحتاج إلى مثل هذا الموضوع في هذا الوقت، وفي هذا الظرف الذي نعيشه، وكثير ممن يتصدى للفتوى ليسوا ممن عرف بعلم ولا عمل، أصلاً، فضلاً عن كونهم لم يتأهلوا الأهلية التامة في هذا الشأن، وموقف السلف كما هو معلوم من نصوص الأمر بالفتوى، وعدم الإحجام عنها، وعدم كتم العلم لمن طلبه، تصدى له أناس عرفوا بالفتوى، من الصحابة ما يزيد على المائة تصدوا للفتوى، ومنهم من جمعت فتاواه في مجلدات، وعلى كل حال منهم المقل، ومنهم المكثر، وهم موجودون مطبقون لهذه النصوص، ومنهم من أحجم، منهم من أحجم ورأى أن التبعة عظيمة، والموقف خطير، ومزلة قدم؛ لأن هذا الموضوع يحتاج، علماً بأنه قد يخفى الأمر على الشخص نفسه أمر الشخص يخفى عليه نفسه، هل هو ممن أمر بالفتوى، أو هو ممن حذر منها؟ الشخص نفسه قد لا يستطيع تحرير واقعه، هل هو ممن أمر بها أو حذر منها، والسائل العامي الذي فرضه سؤال أهل العلم، {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ}[سورة النحل: ٤٣]، قد لا يستطيع التحرير فيمن يسأل هل بلغ مقام من يسأل أو لم يبلغ؟ قد لا يستطيع أن يميز بين من يسأل ومن لا يسأل، فالمسألة تحتاج إلى مزيد عناية وتحرير دقيق، لا سيما وأن المجال الآن والفضاء مفتوح لكل أحد، حتى سمعنا من يستفتي رعاع الناس عن مسائل علمية فيها نصوص شرعية، ويجعل الراجح من يدعمه من الأصوات أكثر، في مجتمع لا يمت إلى الالتزام فضلاً عن التدين، فضلاً عن العلم، هذه مسائل خطيرة، وهناك