وجاء مرفوعاً من حديث أبي ذر وأبي هريرة وأبي أمامة وغيرهم، عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من كان ذا جدة فلم يحج فليمت إن شاء يهودياً أو إن شاء نصرانياً)) له طرق كثيرة تدل على أن له أصلاً، كما قال الحافظ ابن حجر، وإن بالغ ابن الجوزي فأورده في الموضوعات؛ لكن الجمهور على أنه ضعيف، ليس بالموضوع، وليس بالصحيح، وابن حجر يقول: كثرة طرقه تدل على أن له أصلاً.
وعلى كل حال هو ركن اتفاقاً، وتاركه على خطر عظيم، ولو لم نقل بكفره كقول الجمهور؛ لكنه مفرط، شأن الحج عظيم، وجاء في الترغيب فيه أحاديث كثيرة جداً، ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال:((من حج فلم يرفث، ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) وجاء أيضاً: ((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) وهو واجب على الفور على القول المحقق عند أهل العلم، وإن قال كثير من أهل العلم أنه على التراخي؛ لكن جاءت النصوص التي تدل على أنه على الفور، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما فرض عليه الحج في السنة التاسعة على القول المحقق عند الإمام البخاري وابن القيم وغيرهما أنه فرض في السنة التاسعة، وحج النبي -عليه الصلاة والسلام- في السنة العاشرة، نعم قد يقول قائل: لو كان على الفور لحج في السنة التاسعة، بعث النبي -عليه الصلاة والسلام- في السنة التاسعة أبا بكر، ثم أردفه بعلي -رضي الله عنه- من أجل أن يبلغ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أن لا يحج بعد العام مشرك، وأن لا يطوف بالبيت عريان، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يطيق هذه المناظر، ولذا أخر الحج وهو واجب على الفور من أجل ذلك.
وكثير من المسلمين الآن مع الأسف الشديد أنه بطوعه واختياره من غير أي داعٍ ينظر إلى العورات، من خلال وسائل الإعلام، لا يلزم أن تكون العورات المغلظة؛ لكن هي عورة على كل حال، المرأة بالنسبة للرجل عورة، والأمر أعظم من ذلك، ويذكر أمور يُستحى من تخيلها فضلاً عن ذكرها، يستحي الرجل السوي الذي على الفطرة من مجرد التصور فضلاً عن سماع أخبارها، أو تصورها، أو الكلام فيها، والله المستعان.