وعلا- غفور رحيم، ونحج وتحط عنا الأوزار، لكن من يضمن له أن يُوفق لترك ما اشترط للمغفرة، ((من حج فلم يرفث ولم يفسق)) من يضمن لهذا أن يوفق في ترك الرفث والفسوق، جاء في حديث ابن عباس:((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)) فالشخص الذي يحفظ نفسه في أيام الرخاء، يحفظ في حال الشدة؛ لكن الشخص الذي ديدنه وعادته وعمره كله مشغول بالقيل والقال، والوقوع في أعراض الناس، واللغو والرفث والفسوق والمجون والجدال العقيم، ثم بعد ذلك يقول: الحج أربعة أيام لو الإنسان يخيط الفم بالإبرة والخيط، أربعة أيام نستطيع، والله ما يستطيع ولا ساعة؛ إن تيسر له أحداً يأتي إليه وإلا هو ذهب يدور الناس، ((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)) أما إذا جاءك الأخيار، أهل التحري والتثبت، تستثقل مجالسهم، وتقول: أنا أريد أن أحفظ نفسي في أيام الشدة، لا، لا يمكن، كل إنسان حريصاً على أن تغفر ذنوبه؛ لكن ما الذي يوقع الناس عشية عرفة بالغيبة، إلا أنهم طول العام على هذا، هذا ديدنهم، فلا يوفقون لحفظ الأوقات الفاضلة، من طلاب العلم مع الأسف الشديد من يهجر القرآن، ويكون نصيبه من التلاوة إن جاء قبل الإقامة بخمس دقائق فتح المصحف وإلا ما هي إلا في رمضان، ثم بعد ذلك في العشر الأواخر يعتكف في أقدس البقاع ويترك الأهل والمال، وجميع الأعمال، يذهب إلى مكة ويعتكف في العشر الأواخر أو المدينة، من أجل إيش اعتكف؟ من أجل أن يتعبد، ويفعل ما يقربه إلى الله -جل وعلا- لكنه في طول العام مفرط في حق القرآن، هاجر للقرآن، هل يوفق لقراءة القرآن؟ هذا يا إخوان رأينا من يجلس من صلاة العصر في مكان إلى أن يؤذن المغرب فيفطر ويطلع خلال ساعتين كم يقرأ من القرآن يفتح القرآن دقيقة دقيقتين، ثم يمل، ما تعود، ثم تلفت يمين وإلا يسار، يطبق المصحف، ثم يضعه بجانبه، ثم يفعل ذلك مرة ثانية، ثم يمل، يتلفت لعل الله -جل وعلا- أن ييسر له من يوسع صدره على ما قال، إن جاءوا وإلا هو ذهب يبحث عن الناس، ترى هذا الحاصل يا إخوان، إنما يوجد من طلاب العلم -ولله الحمد- من يختفي في مكان بحيث لا يرى؛ لكي يقرأ ما قرره وحدده من القرآن؛ لأن هذا ديدنه طول عمره، وفي الحديث: ((تعرف