للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعم إلى الجملتين، هذا مطرد وإلا غير مطرد؟ نعم غير مطرد، يعني هناك وصف واستثناء، يتعقب جمل، هل يعود إلى الأخيرة فقط أو إلى الجميع؟ أو إلى الأخيرة والتي قبلها فقط دون الأولى؟ أو إلى أي شيء؟ هل هناك ضابط يضبط هذه الأمور؟ المثال الواضح مثلاً في القذف حد القاذف: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(٤ - ٥) سورة النور] الاستثناء يعود إلى الجمل الثلاث؟ أو إلى الأخيرة فقط؟ أما كونه يرفع الحد {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} يعني لا تجلدوهم ثمانين هذا لم يقل به أحد، فلا يعود إلى الجملة الأولى، وكونه يعود إلى الجملة الأخيرة اتفاق، الخلاف في الجملة الوسطى {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} فمن تاب بعد القذف توبة نصوح بشروطها تقبل شهادته أو لا تقبل؟ هذا محل الخلاف وعندنا {لِمَنِ اتَّقَى} [(٢٠٣) سورة البقرة] هل يعود إلى الجملة الأخيرة أو إلى الجملتين؟ يعني اشتراط التقوى هل الأولى به من تأخر أو من تعجل؟ أو هما معاً كلهم لا بد من التقوى؟ كلهم، نعم صحيح، كل منهم مطالب بالتقوى، وعلى هذا يكون معنى الآية: أن من تعجل في يومين وقد اتقى الله -جل وعلا- في حجه لا إثم عليه، يعني ارتفع الإثم عنه بهذا الحج الذي اتقى الله فيه، ومن تأخر فزاد ثالثاً، واتقى الله في حجه فقد ارتفع عنه الإثم، وحينئذ من خلال هذه الآية يظهر تفضيل التأخير أو التعجل؟ أو ما يظهر شيء؟ ما يظهر شيء، لأن من تعجل واتقى الله -عز وجل- ارتفع عنه الإثم، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ومن تأخر واتقى الله -جل وعلا- فلا إثم عليه، ارتفع عنه الإثم على حد سواء؛ لكن تفضيل التأخير من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وما كان الله أن يختار لنبيه إلا الأفضل، فالتأخير أفضل لأن الله -جل وعلا- اختاره لنبيه، وأما الآية فتدل على أن الإثم مرتفع عن الحاج إذا اتقى الله -جل وعلا-، سواء تعجل أو تأخر، وتكون الآية حينئذ بمعنى قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) وبهذا يكون الحج قد ترتبت عليه آثاره من المغفرة، إذا