وهذا النوع من التفسير ينفع المفسر أولاً، وينفع طالب العلم القارئ نفعاً كبيراً باعتبار أنه يلم بجميع أطراف الموضوع، قد تقرأ آية في سورة الفاتحة مثلاً، أو البقرة في أولها، وتحتاج إلى ما يضم إليها من السور المتأخرة، فإذا قرأت في أوائل البقرة آية، ومما يبين معناها ويوضح معناها آية في سورة الحج مثلاً، هذا إذا كان المفسر كابن كثير -رحمه الله تعالى-، وأيضاً الشنقيطي، مما يجمع الآيات المتشابهة في موضع واحد تستفيد يا طالب العلم، لكنهم يذكرونها ذكر، ما يفسرونها ويشرحونها، ويوضحون ما جاء فيها، مثل الآية التي هي الأصل في الباب، ولا يقوم بهذا إلا التفسير الموضوعي، فالتفسير الموضوعي ينفع طالب العلم باعتبار أنه يعطيه الصورة الكاملة على الموضوع من خلال الآيات المتفرقة في كتاب الله -عز وجل-، ولو كان البدء، ولكن المناسبة لآيات الحج فالموسم قريب وقادم، فاختار الشيخ حفظه الله هذا الموضوع ليكون الحديث عنه، وإلا فالأصل أن يبدأ به على الترتيب: آيات العقائد، آيات التوحيد، آيات الإيمان، آيات التوكل، آيات الخشية، آيات الإنابة، آيات الصلاة، آيات الزكاة إلى آخره، وهكذا، ويمشي على القرآن كله بهذه الطريقة، وهي طريقة ناجعة مثلما ذكرنا أن الطالب يخرج بتصور تام عن الموضوع من خلال القرآن الكريم.
الأمانة في القرآن الكريم من يستغني عنها؟ ثم بعد ذلك يأتي بما يؤيد هذه الآيات، وبما يبين ويشرح هذه الآيات من مشكاة النبوة من كلامه -عليه الصلاة والسلام-، ابن القيم في مدارج السالكين يستوعب الآيات التي تبحث في المنازل التي تحدث عنها، فمنزلة التوبة مثلاً ذكر الآيات المتعلقة بالتوبة وذكر الأحاديث، وذكر أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، هذا موضوعي، منزلة التوبة يصلح أن يكون موضوع مستقل، يعني يستخرج من مدارج السالكين، وكذلك المنازل الأخرى، على كل حال هذا اللون وهذا النوع فائدته واضحة وجلية، وعلى طالب العلم أن يعنى به، وعلى العلماء أن ينبروا له، ويبسطوا الكلام فيه، كالتفسير المرتب.