وقد كان حُبي ذاك حباً مُبرِّحاً، ... وحُبّي لذا إذ مات ذاك شديد
وكان هواي عند ذاك صَبابةً، ... وحبّي لذا، طول الحياة، يزيد
فلما مضى عادت لهذا مَوَدّتي، ... كذاك الهوى، بعد الذهاب يعودُ
وقال صالح بن حسان: لما احتُضر حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، كانت فاطمة بنت حسن بن علي جالسةً عند رأسه تبكي، فقال: ما يُبكيك؟ قالت: على فراقك، ابن عمّ، قال: مَهْ! ما صنعتِ؟ فإياك أن تنكحي عبد الله بن عمرو بن عثمان، وقد علم أن أحداً لا يجترئ على خُطبتها غيره. قالت: ما كنتُ لأفعل. وهلك، وله منها عبد الله بن حسن، وإبراهيم بن حسن. فلما انقَضَت عدّنها دعت مولاةً لها يقال لها: زير، فقالت: إيتي عبد الله بن عمرو، فقولي له: أعرنا بغلتك الشهباء برحالتها، فإني قد أردت أن أسير إلى بعض أموال ولدي بالعالية. فأتته، فقال: يا زير لو كان لي إلى مولاتك سبيلٌ! ارحلوا لها البغلة. فلما جاءت قالت: هل لقيته؟ قالت: نعم! قالت: فما قال لك؟ قالت قال: لو كان لي إلى مولاتك سبيلٌ! قالت: يلكِ، وأين المذهب عنه؟ فرجَعت زير، فدخلت عليه وأعلمته، فأرسل إليها، فخطبها، فتزوجته، وولدت له الهيثم ومحمداً ورقيّة، وكان لها من الحسنِ ثلاثة، ومن عبد الله ثلاثة.
ورُوي عن سماك بن حرب أنه قال: كانت العرب تقول: لم تُنْهَ امرأةٌ قطّ عن رجل إلا تزوجته.
وقال ابن عباس: حدثني شيخٌ من بني ضبّة قال: كان رجل منا ظريفاً شريفاً احتُضر، فبينا هو يجود بنفسه، وبُني له يُسمّى مَعْمَراً يدبّ بين يديه، فنظر إليه وبكى، ثم التفت إلى امرأته، فقال: يا هذه،