للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتبعث إليه بخاتمها، وفضلةٍ من شعرها، وقُلامةٍ من ظفرها، وشظيّة من مِضرابها، وقطعةٍ من مِسواكها، ولُبانٍ قد جعلته عوضاً من قُبلتها، ومُضغةٍ لتخبره عن نكهتها، وكتابٍ قد نمّقته بظَرفها، وطيّبته بكفها، وسَحته بوترٍ من عودها، ونقّطت عليه قطراتٍ من دمعها، وختمته بغاليةٍ قد عُدّل بالعنبر متنها، واستمسك تحت الخاتم عجنها، وطبعت عليه بفَصّ قد نقشت عليه مداعبتها، وتمثّلت عليه ببعض مَجانتها، وضمّنت الكتاب شكوى شوق مريضٍ، وصفة شوق ممرِّض، تسأله المؤاتاة على حبها، والإعانة على كربها، وأن يبعث يطلب زيارتها، لتقرّ بالنظر إليه عينها، وينفرج عنها حزنها، فيُطمع الغمز في قربها، ولا يشَّ في الكلام في إخلاص حبها، فيميل إليها بودّه، وتُصفيه بمكنون حبه، حتى إذا حوت عقله، وصارت شغله، واستمالت لبّه، وسلبت قلبه، واستمكنت من قربه، ووثقت بصحيح حبه، وعلمت أنه غريقٌ في بحر البلية، أخذت في طلب الهدايا السرية، وتشهّت الثياب العَدَنية، والأزر النيسابورية، والأشقاق الأنجاجية، والأردية الرشيدية، والعمائم السوسية، والشكك الإبريسمية، والخفاف الرُّنانية، والنعال الكَنباتية، والحلق المحشوية، والعصائب المرصّعة، والدَّستينجات المفصّلة، وخواتيم الياقوت المُثمِنة، وتمارضت من غير سقم، وشكت من غير ألم، وفُصدت من غير علة وداء، وتعالجت من غير حاجة منها إلى الدواء، لتجيشها هدايا ذوي الوَجد، في المرض والفصد، من القُمُص

<<  <   >  >>