للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنبَرة، والغلائل الممسَّكة، والأردية المرشوشة، واللخالخ المعجونة، ومخانق الكافور المنظومة، ومراسل القرنفل المخمّر، والمسك الأذفر، والعنبر الأشهب، والعود الهندي، والنَّدّ الخَزائني، والماورد الجوري، والحُملان الحَوْلية، والجداء الرُّضَّع، والبطّ الصيني، والفراريج الكسكرية، والدجاج الفائق، والفراخ المسمَّنة، والنبانيج المنضَّدة بأنواع الرياحين والفاكهة، يتبعها صنوفٌ من الشراب المعسَّل، والدوشاب المطبوخ والمشمَّس، ونبيذ السكر والقِشمِش، ثم الدنانير الجُدد الشهرية، والدراهم المسيَّفة الداريّة، في خرائط الديباج الإبريسَمية، ومناديل الوشي الأنجمية.

فلا تزال في هدايا متواترة وألطاف متتابعة، وفي خلال ذلك العيدان العَرْعر الموزونة، والمضار بالمدهونة، والأوتار الصينية، حتى إذا نفذ اليسار، وذهب الإكثار، وأُتلف المال، وجاء الإقلال، وأحست بالإفلاس، وتفريغ الأكياس، أظهرت الملل، وأعلنت البدل، وتبرّمت بكلامه، وضجرت بسلامه، وطلبت عليه العلل، وتفقدت من الزلل، وتتبّعت عليه سقطاته، وتيمّمت عثراته، وأخذت في الجَفاء والعِتاب، والقِلى، والإبعاد، وصرفت عنها هواه، ومالت إلى سواه، ونفرت بعد القرب، وأبغضته بعد الحب، فحينئذ يُدرك المغرور الندم، ويلحقه الأسف، حين لا تغني عنه الحيلة ولا يُجدي عليه اللهف، ويقع بيت ليت ولو وهيهات ولات حين مَناص، ولا يقدر على استئناف ما سلف من الأيام بعد الإشراف على ورود حياضِ الحِمام، وقد أنشدني بعض الأدباء لبعض المحدثين:

صحوتُ فأبصرت الغَواية من رُشدي، ... وأيقنتُ أني كنت جُرْتُ عن القَصدِ

<<  <   >  >>