فلا يعشقَنْ من كان يعشق قينةً، ... فما هو منها في سعيدٍ ولا سعدِ
تودُّك ما دامت هداياك جمّةً، ... وترفدك عِشقاً ما غَنيتَ أخا رفدِ
إذا ما رأت في مجلسٍ من تخاله ... غنيّاً، حَبَتْه بالتحية والودّ
وغَنّت على أقداحه كل ما اشتهى، ... وقالت له: ما تريد أنا أفدي
وتومي إليه اشربِ الرطلَ واسقني، ... فقد حُزتَ قلبي واشتملتَ على وُدّي
فيمتلئ المغرور، عند مَقالها، ... سروراً يرى أن المقال على جدّ
فإن جاء وقت الانصراف تحازنت ... لفُرقته، حتى يقوم على وعْدِ
ويغدو إليه في الفراش رسولها ... تُسائله: ما كان حالُك من بعدي
ويا ليت شعري كيف بتَّ فإنني ... رعيتُ نجوم الليل كفّي على خدّي
فلا يجد المغرور من دفعِ جُدْرها ... سروراً بتعجيل الزيارة من بُدّ
وتُسرع في إتيانه ليظنّها ... حَبَته بتعجيل المجيء على عَمدِ
فإن هي جاءت عانقته، وقبّلت ... يديه، وأبدت فرحةً قلّ ما تُجدي
وتخدمه عمداً، فإن قال: إنه ... ليحزُنُني أن تصنعي هكذا عندي
تقول له: ذا البيت بيتي، وإنما ... أُؤمِّل أنْ يبتاعني سيدي وحدي
فتصبيحَ عيني بالوِصال قريرةً ... وآمنَ من سَومِ التفرّق والبُعدِ
فذا دأبها، حتى يعود من الهوى ... سقيمَ فؤادٍ ما يُعيد ولا يُبدي
فتُفصد لا مِنْ حاجةٍ لفِصادها، ... ولكن لتكليف الهديّة في الفَصد