للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معروفات بطلب الدراهم والأموال، منسوبات إلى التكسُّب بتعشّق الرجال، لا يُقدم عليهن إلا مغرورٌ، ولا يثق بهم إلا مسحورٌ، وإنما يذهب على أهل الألباب، وأهل التظرُّف والآداب، مكر البنات المخدَّرات، والغواني المحجَّبات، اللواتي لم ترهنَّ العيون، ولم تكثر فيهن القالة والظنون، اللواتي يبذلن نفيس الأموال لمن يتعشّقْنه، وينّين من راسلنه وكاتبنه، وتزعُم أنهن وراء الحجاب، ودون الأقفال والأبواب، وأنهن لا فرج لهن إلا في المكاتبة، ولا فرح إلا في المراسلة، ولا سرور إلا في النظر من بعيد، ولا يقدرن على اللقاء إلا في الخروج في كل عيد، وأولئك اللواتي تخفُّ أمورهن، وتُعنّى سرائرهنُ، ويطمع الجاهل فيهن، ويصبو النَّزِق إليهن، ويثق بحبّهن الأحداث والأطفال، ولا يتمسّك بمودّتهن إلا الجهّال، مع أن مكرهن أخفى من الخيال، وأعظم من راسيات الجبال، تنفذ حيلهن على الرجال، ويتمكّن كيدهنّ من الأبطال، وفيما خبر الله، جل ثناؤه، في بعض القرآن، من عظيم كيدهن، ولطف حيلهن، ما يُغني عن شرح كثير من سرهن، وإن في قصة زُليخا ويوسف ما يستغني به ذوو العقل والأفهام من مكرهن القوي، وكيدهن الخفي، ولن يحترز منهن إلا المجرّب، ويتّقي منهن إلا المدرّب، فإن ذا الحِنكة، إذا كان بهن عليماً، وكان في أمورهن حكيماً، أخذ من حبّهن عفوة، وشرب من هواهن صَفوه، ولن يعلَق بهن فؤاده، ولم يملكن قياده، وذلك الحسن الحال، الرَّخيّ البال، لم تؤرّقه الغُموم، ولم تُنضجه الهموم، لا كالذي غلب عليه الشقاء، وأُتيح له البلاء، فركن

<<  <   >  >>