ما أحسن الآس في عيني وأطيبه، ... لولا اتصال حروف الآس بالياسِ
ما ضرّ من كان أهدى الآس من يده ... لو قال: ريحانةٌ، يُعنى به الآسي
لولا الذي أتّقي من طيرتي بهما، ... ما فارقا أبداً تاجاً على رأسي
كذلك تطيّروا من الخلاف لموضع الخُلف؛ والغَرَب للاغتراب، والبان للتبايُن. ورُوي عن كُثيّر عزّه أنه بلغه أنها عليلةٌ، وأنها تتشوّقه، فخرج يُريدها، وهي بمصر، فرأى غُراباً ساقطاً على بانةٍ ينتف ريشه، ويُطايره على رأسه، فتطيّر من ذلك، وأتى عرّافاً من نهدٍ أخبره بما رأى فآيسه من حياتها، وأخبره بوفاتها. فلما وصل إلى مصر خُبّر بموتها، فأنشأ يقول:
فما أعيف النهديّ، لا درّ دَرُّه، ... وأعلمه بالزجر، لا عَزّ ناصره
رأيتُ غراباً ساقطاً فوق بانةٍ، ... يُنتِّف أعلى ريشه، ويُطايره
فأما غرابٌ، فاغترابٌ من الهوى، ... وبانٌ فبينٌ من حبيبٍ تعاشره
وقال أبو الشيص:
أشاقَك، والليل ملقي الجِران، ... غُرابٌ ينوح على غُضن بان؟
أحصُّ الجناح، شديد الصياح، ... يُبَكّي بعينين ما تدمعانِ
وفي نَعَبات الغراب اغترابٌ، ... وفي البان بَيْنٌ بعيد التداني