وما زِلتَ لي عوناً برأيٍ موفَّقٍ ... على صلة القُربى بهدْي أُولي النُّهى
وكتب الحسن بن وهب إلى محمد بن عبد الملك: سُروري، أعارني الله حياتَك، إذا رأيتُك كوحشتي لك إذا لم أرك، وحفظي لك في مغيبك، كمودّتي لك في مشهدك، وإني لصافي الأديم غيرُ نَغلٍ ولا متغيِّرٍ، فامنحني من مودّتك، مُزنَ لذاذة مَشربك، وكن لي كأنا، فوالله ما عُجتُ عن ناحيتكَ، إلا وأنا محنيّ الضّلوع إليك، والسلام.
فكتب إليه محمد: يا أخي ما زُلتُ عن مودّتك، ولا حُلّتُ عن أخوتِك، ولا استبطأتُ نفسي لك، ولا استزدتُها في محبّتك، وإنّ شخصَك لمائلٌ نُصب طَرفي، ولقلّ ما يخلو من ذِكرك قلبي، ولله ذرُّ الذي يقول:
أما والذي لو شاء لم يَخلُق النوى ... لئن غِبتَ عن عيني لَما غِبتَ عن قلبي
يُذكّرُنيكَ الشوق حتى كأنني ... أُناجيكَ من قُربٍ وإن لم تكن قُربي
وكتب بعض الكتّاب إلى صديقٍ له تبيّن منه جَفوةٌ: سيدي! ألزمتني الخُضوع، وحرّمت علي الهُجوع، وأضرمتَ ناراً بين الضُّلوع، فتركتني فيك لائذاً بالعدوّ، وممنوعاً من السلوّ، منخفضاً من العُلوّ، بمنزلة من خان وُدّاً، أو نقض عهداً، أو أخلف وعداً، أو اظهر ضدّاً، أو جحَد يداً، أو كفَر عارفةً، أو غَمَط نِعمةً سالفةً. سيدي! لمّا اشتغلَت بن النفس القَلِقة، والعين الأرِقة، حُلتَ عن محمود الوفاء، وزُلتَ عن غير ذنبٍ عُقوبة المجترِم، وغير سببٍ يَقدح في