إني نشأت، وحسادي ذوو عدد ... يا ذا المعارج لا تنقص لهم عددا
ما زلت أقدم أفراسي مكلَّمةً ... حتى اتخذت على حسادهن يدا
وأنشدت:
كلُّ العداوة قد ترجى إماتتها، ... إلا عداوة من عاداك من حسد
وبلغ محمد بن عبد الله بن طاهر أن قوماً من الموالي يحسدونه، فقال:
إن يحسدوني فإني غير لائمهم ... قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا
فدام لي ولهم ما بي وما بهم، ... ومات أكثرهم غيظاً بما يجد
أنا الذي يجدوني في صدورهم ... لا أرتقي صُعداً منها ولا أرد
وقال أردشير بن بابك: كل خصلة رديئة، فهي دون الحسد، لأن الحسود يسعى على من أحسن إليه، ويبغي الغوائل لمن أنعم عليه. وقال الأصمعي: سمعت أعرابياً ذكر بعض الحساد فقال: ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد، حزن لازم ونفس دائم وعقل هائم؛ وقال حاتم طيء:
يا كعب ما إن ترى من بيت مكرمة ... إلا له، من بيوت الشر؛ حسادا
والتحرز من الحساد ما لا سبيل لنا إليه، والتحفظ من ألسنتهم ما لا نقدر عليه، لكن أقول كما قال الشاعر:
ما يضرُّ البحر، أمسى زاخراً، ... أن رمى فيه غلام بحجر
وأُصدّر كتابي هذا مستعيناً بالله راغباً إليه، بذكر الأدب وصفته. وما يحتاج الأدباء إلى معرفته. وأشفعه بأشياء يستحسنها الأديب. ويرغب في دراستها الأريب، وبالله التوفيق.