للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وحنانا} أي آتيناه حنانا أي رحمة {من لدنا وزكاة} أي عملا صالحاً , {وكان تقيا} فلم يفعل ذنبا {وبرا بوالديه} أَيْ جَعَلْنَاهُ بَرًّا بِوَالِدَيْهِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَسَلامٌ عليه} أي سلامة لَهُ {يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حيا} قال سفيان ابن عُيَيْنَةَ: أَوْحَشُ مَا يَكُونُ ابْنُ آدَمَ فِي ثلاث مواطن: يوم يولد فَيَخْرُجُ إِلَى دَارِ هَمٍّ , وَلَيْلَةَ يَمُوتُ مَعَ الْمَوْتَى فَيُجَاوِرُ جِيرَانًا لَمْ يَرَ مِثْلَهُمْ , وَيَوْمَ يُبْعَثُ فَيَشْهَدُ مَشْهَدًا لَمْ يَرَ مِثْلَهُ قَطُّ , فَسَلَّمَهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا.

قَالَ عُلَمَاءُ السِّيَرِ: لَمَّا حَمَلَتْ مَرْيَمُ اتَّهَمَتِ الْيَهُودُ زَكَرِيَّا وَقَالُوا هَذَا مِنْهُ. فَطَلَبُوهُ لِيَقْتُلُوهُ فَهَرَبَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى شَجَرَةٍ عَظِيمَةٍ فَتَجَوَّفَتْ لَهُ فَدَخَلَ فِيهَا فَجَاءُوا يَطُوفُونَ بِالشَّجَرَةِ

فَرَأَوْا هُدْبَةَ ثَوْبِهِ فقطعوا الشجرة حتى خلصوا إليه فقتلوه. ونبيء يَحْيَى وَهُوَ صَغِيرٌ فِي زَمَنِ أَبِيهِ , وَكَانَ كَثِيرَ الْبُكَاءِ فَسَاحَ فِي الأَرْضِ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى , وَكَانَ طَعَامُهُ الْجَرَادَ وَقُلُوبَ الشَّجَرِ.

أَخْبَرَنَا المُحَمَّدَانِ ابْنُ نَاصِرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَاقِي , قَالا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ , أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْفَهَانِيُّ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ , حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , حَدَّثَنِي سَعِيدُ ابن شُرَحْبِيلَ , حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُطَارِدَ , عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ , قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا لَهُ خَطَّانِ فِي خَدَّيْهِ مِنَ الْبُكَاءِ فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ زَكَرِيَّا: إِنِّي إِنَّمَا سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدًا تَقَرُّ بِهِ عَيْنِي , فَقَالَ: يَا أَبَتِ إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَخْبَرَنِي أَنَّ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مَفَازَةً لا يَقْطَعُهَا إِلا كُلُّ بَكَّاءٍ.

وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ قَتْلِ يَحْيَى.

فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَعَثَ عِيسَى يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ , فَكَانَ فِيمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>