للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَكْثَرَهُمْ مَنَاقِبَ وَأَفْضَلَهُمْ سَوَابِقَ وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً , وَأَقْرَبَهُمْ وَسِيلَةً , وَأَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيًا وَسَمْتًا , وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً وَأَرْفَعَهُمْ عِنْدَهُ وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ , فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنِ الإِسْلامِ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ.

صَدَّقْتَ رَسُولَ اللَّهِ حِينَ كَذَّبَهُ النَّاسُ وَكُنْتَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ , سَمَّاكَ اللَّهُ فِي تَنْزِيلِهِ صِدِّيقًا فَقَالَ: {وَالَّذِي جاء بالصدق وصدق به} وَآسَيْتَهُ حِينَ بَخِلُوا , وَقُمْتَ مَعَهُ عَلَى الْمَكَارِهِ حِينَ قَعَدُوا , وَصَحِبْتَهُ فِي الشِّدَّةِ أَكْرَمَ الصُّحْبَةِ , ثاني اثنين صاحبه في الغار , والمنزل عليه السَّكِينَةِ , وَرَفِيقُهُ فِي الْهِجْرَةِ , وَخَلَفْتَهُ فِي دِينِ اللَّهِ وَأُمَّتِهِ أَحْسَنَ الْخِلافَةِ حِينَ ارْتَدُّوا.

فَقُمْتَ بِالأَمْرِ مَا لَمْ يَقُمْ بِهِ خَلِيفَةُ نَبِيٍّ , نَهَضْتَ حِينَ وَهَنَ أَصْحَابُهُ , وَبَرَزْتَ حِينَ اسَتْكَانُوا , وَقَوِيتَ حِينَ ضَعُفُوا , وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِهِ إِذْ وَهَنُوا , كُنْتَ خَلِيفَةَ حَقًّا لَنْ تُنَازَعَ وَلَنْ تُضَارَعَ , بِرَغْمِ الْمُنَافِقِينَ وَكَبْتِ الْحَاسِدِينَ , قُمْتَ بِالأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا فَاتَّبَعُوكَ فَهُدُوا , وَكُنْتَ أَخْفَضَهُمْ صَوْتًا وَأَعْلاهُمْ فَوْقًا , وَأَقَلَّهُمْ كَلامًا وَأَصْدَقَهُمْ مَنْطِقًا وَأَطْوَلَهُمْ صَمْتًا وَأَبْلَغَهُمْ قَوْلا وَأَكْرَمَهُمْ رَأْيًا , وَأَشْجَعَهُمْ نَفْسًا , وَأَشْرَفَهُمْ عَمَلا. كُنْتَ وَاللَّهِ لِلدِّينِ يَعْسُوبًا , أَوَّلا حِينَ نَفَرَ عَنْهُ النَّاسُ وَآخِرًا حِينَ أَقْبَلُوا.

كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَبًا رَحِيمًا , صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالا , حَمَلْتَ أَثْقَالَ مَا عَنْهُ ضَعُفُوا , وَرَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا وَعَلِمْتَ مَا جَهِلُوا , وَشَمَّرْتَ إِذْ ظَلَعُوا , وَصَبَرْتَ إِذْ جَزِعُوا وَأَدْرَكْتَ أَوْتَارَ مَا طَلَبُوا , وَرَاجَعُوا بِرَأْيِكَ رُشْدَهُمْ فَظِفَرُوا , وَنَالُوا بِرَأْيِكَ مَا لَمْ يَحْتَسِبُوا.

كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَابًا صَبًّا وَلَهَبًا , وَلِلْمُؤْمِنِينَ رَحْمَةً وَأُنْسًا وَحِصْنًا , طِرْتَ وَاللَّهِ

بِعَنَائِهَا وَفُزْتَ بِحِبَائِهَا , وَذَهَبْتَ بِفَضَائِلِهَا وَأَدْرَكْتَ سَوَابِقَهَا لم تقلل حُجَّتُكَ وَلَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ , وَلَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ وَلَمْ يَزُغْ قَلْبُكَ , فَلِذَلِكَ كُنْتَ كَالْجِبَالِ لا تُحَرِّكُهَا الْعَوَاصِفُ وَلا تُزِيلُهَا الْقَوَاصِفُ , كُنْتَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>