للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْضُوعَةٌ عِنْدَهُمْ وَإِنَّمَا كَانَتْ بِلا عُرَى لأَنَّ الْعُرْوَةَ تَرُدُّ الشَّارِبَ مِنْ جِهَتِهَا وَإِنَّمَا تُرَادُ الْعُرْوَةُ لِيُمْسَكَ بِهَا الإِنَاءُ. وَقَدْ قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَشْتَهِي الشَّرَابَ فَيَجِيءُ الإِنَاءُ فَيَقَعُ فِي يَدِهِ فَيَشْرَبُ ثُمَّ يَعُودُ مَكَانَهُ. ثُمَّ هُنَاكَ أَبَارِيقُ بِعُرًى فَقَدْ جُمِعَ الشَّيْئَانِ لهم.

قوله تعالى: {ونمارق مصفوفة} وَهِيَ الْوَسَائِدُ وَاحِدُهَا نُمْرُقَةٌ بِضَمِّ النُّونِ وَالرَّاءِ ونمرقة بكسرهما. {مصفوفة} بعضها إلى جنب بعض {وزرابي} وهي الطنافس لها خمل رقيق {مبثوثة} كَثِيرَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ.

يَا غَافِلا عَنْ هَذِهِ الدَّارِ , يَا رَاضِيًا عَنِ الصَّفَا بِالأَكْدَارِ , الْبِدَارَ الْبِدَارَ , سَابِقْ وُقُوعَ الْمَوْتِ قَبْلَ فَوْتِ الاقْتِدَارِ , وَيْحَكَ أَمَا تَرَى سَلْبَ الْجَارِ , أَمَا يُشَوِّقُكَ مَدْحُ الأَبْرَارِ , أَمَا تَخَافُ الشَّيْنَ أَمَا تَحْذَرُ الْعَارَ , إِلَى كَمْ هَذَا الْجَهْلُ وَالنِّفَارُ , مَا هَذَا التَّقَاعُدُ وَالْمَحْقُ قَدْ سَارَ , إِنَّ طُوفَانَ الْهَلاكِ قَدْ دَارَ حَوْلَ الدَّارِ , وَإِنَّ خَيْرَاتِ الأَسْحَارِ إِذَا رَآهَا الطَّرْفُ حَارَ , يَا سَكْرَانَ الْهَوَى قد قتل الحمار , يَا بَصِيرًا هُوَ أَعْمَى {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبصار} .

رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ فِي مُلْكِهِ أَلْفَيْ سَنَةٍ , وَإِنَّ أَفْضَلَهُمْ لَمَنْ يَنْظُرُ فِي وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ ".

قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا نَعَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ وَمَا فِيهَا عَجِبَ الْكُفَّارُ مِنْ ذَلِكَ فَذَكَّرَهُمْ صَنْعَتَهُ وَقُدْرَتَهُ فَقَالَ: {أَفَلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} وَقَالَ قَتَادَةُ: ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ارْتِفَاعَ سُرُرِ الْجَنَّةِ وَفُرُشِهَا فَقَالُوا: كَيْفَ يُصْعَدُ إِلَيْهَا؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا خَصَّ الإِبِلَ بِالذِّكْرِ لأَنَّ الْعَرَبَ لَمْ يَرَوْا بَهِيمَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا , وَلَمْ يُشَاهِدِ الْفِيلَ مِنْهُمْ إِلا الشَّاذُّ , وَلأَنَّهَا كَانَتْ أَنْفَسَ أَمْوَالِهِمْ , وَأَكْثَرَهَا لا

<<  <  ج: ص:  >  >>