ذكرت وأنا أطيل النظر في نسخنا الخطية المعتمدة لكتاب ابن الصلاح، وصية شيخي " الأستاذ أمين الخولي " - رضي الله عنه - بمقاومة جاذبية القدَم في موازين التوثيق، لأبصر ما قد تحجبه هذه الجاذبية من علل ٍ في مخطوط قديم، تؤخره عن نسخ أحدث زمنا وأتمَّ أصالة.
النسخة العراقية أحدث زمنا من الموصلية والمغربية، يفصلها عنهما نحو قرن، لكنها مع تأخر زمنها، كانت جديرة بأن نعتمدها أصلا للمتن في طبعتنا هذه، في مخطوطها الأصل العتيق المقروء على المصنف، الحافظ العراقي وعليه خطه - لا شك فيه - بتصحيح كل مجلس للسماع تقريبا، ثم على مقابلة النسخة بأصله، وتوقيعه بعدها بإجازة رواية الكتاب عنه، وسائر (ما يجوز له وعنه من مسموع ومُجَاز وتأليفٍ، من نثر ونظم).
لكني احتجت مع هذه النسخة، إلى مقاومة إغراء أصالتها النادرة، فهي أصلاً كتاب التقييد والإِيضاح للعراقي، وقد جاء متن ابن الصلاح فيها مُدرجًا في متن العراقي المشحون بالنقول والأعلام والمراجعات والتعقبات والمقابلات ... وقد خلت النسخة أجمع من الفواصل وعلامات الفصل والوصل دون تمييز لعناوين الأنواع والفصول والتفريعات بمدادٍ غير مداد النسخة، أو كتابتها أوائل سطر .. وكان يمكن بمشقة بالغة، استخلاص متن ابن الصلاح منها؛ إذ ليس الحافظ العراقي بحيث يفوته تمييز منقوله منها اتقاءَ الإِدراج والإِلباس، لكني تنبهت إلى علامات من مصطلح الرسم فيها غير مألوفة لي، لم أُسِغْ الاعتماد عليها باجتهاد. منها مثلا ما ظهر لي بادي النظر من احتمال تمييز فواصل الجمل بعلامة سكون صغيرة مقفلة (ْ) كأنها علامة وقف. وتمييز أوائل أقوال ابن الصلاح عن سائر النقول، بمدِّ حرف اللام من (قوله) ونحو ذلك مما أحتاج معه إلى إمعان النظر فيما لم آلفه من رسم هذا المخطوط الفريد وتحقيقه على تفرغ ٍ وخلوِّ بال، إذا يسَّر الله تعالى وأعان.
بل إنني حَذِرتُ كذلك، الإحالة عليه في مواضع النقل منه أو المقابلة عليه. فقابلت به