للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما إذا قال: نحوه؛ فهو في ذلك عند بعضهم كما إذا قال: مثله. نُبِّئنا بإسنادٍ عن " وكيع " قال: " قال سفيان: إذا قال: نحوه؛ فهو حديث ". وقال " شعبة ": " نحوه، شَكٌّ. وعن " يحيى بن معين " أنه أجاز ما قدمناه ذكره في قوله: مثله، ولم يجزه في قوله: نحوه. قال " الخطيبُ ": وهذا القولُ على مذهبِ من لم يُجز الروايةَ على المعنى. فأما من على مذهب من أجازها؛ فلا فرقَ بين: مثله، و: نحوه (١).

قلت (٢): هذا له تعلُّقٌ بما رويناه عن " مسعود بن علي السِّجزي " (٣) أنه سمع الحاكم أبا عبدالله الحافظَ يقول: أن مما يلزم الحديثي من الضبطِ والإِتقان أن يفرق بين أن يقول: مثله، أو يقول: نحوه؛ فلا يحل له أن يقول: مثله، إلا بعد أن يعلم أنهما على لفظ واحد، ويحل أن يقول: نحوه، إذا كان على مثل ِ معانيه. والله أعلم.

السابع عشر: إذا ذكر الشيخُ إسناد الحديثِ ولم يذكر من متنِه إلا طرفًا ثم قال: وذكرَ الحديثَ. أو قال: وذكر الحديث بطولِه. فأراد الراوي عنه أن يرويَ الحديثَ بكمالِه وبطوله، فهذا أولى بالمنع مما سبق ذكره في قولِه: مثلُه، أو: نحوه. فطريقُه أن يبيِّن ذلك بأن يقتصَّ ما ذكره الشيخُ على وجهِه ويقول: " قال - وذكر الحديثَ بطوله " [٦٨ / و] ثم يقول: " والحديثُ بطوله هو كذا وكذا " ويسوقه إلى آخره. وسأل بعضُ أهل الحديث " أبا إسحاق إبراهيم بن محمد الشافعي " (٤) المقدم في الفقه والأصول، عن ذلك فقال: لا يجوز لمن سمع على هذا الوصف أن يروي الحديث بما فيه من الألفاظ على التفصيل.


(١) الخطيب في الكفاية، بإسناده إلى وكيع: ٢١٤ (باب ما جاء في المحدث يروي حديثًا ثم يتبعه بإسناد آخر).
(٢) من هنا حتى نهاية هذا التفريع السادس عشر، ساقط من متن (ص) وأضيف بالهامش: (٥٢ أ) لحقا.
(٣) في متن (غ) [السجستاني] وعلى هامشه: السجزي، من أصل الشيخ شمس الدين. وهو ما في متن ابن الصلاح بالتقييد والإيضاح (٢٣٨) نسبة إلى سجستان على غير قياس (اللباب ٢/ ١٠٤) والضبط منه. ومسعود بن علي، أبو سعيد السجزي: تلميذ الحاكم أبي عبدالله. أكثر منه، وله عنه سؤالات. توفي سنة ٤٣٨ هـ (تذكرة الحفاظ ٣/ ١١١٧ طبقات الحفاظ ٤٢٨/ ٩٧١).
(٤) [أبو إسحاق الأسفرائيني، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الإمام في الفقه والأصول، وهو أحد الثلاثة الناصرين مذهب أهل الحديث والسنة: أبو إسحاق هذا، وأبو الحسن الأشعري، وأبو بكر الباقلاني - رضي الله عنهم - وعن جميع المسلمين] من هامش (غ).
- قال النووي: " قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح: وكان الأستاذ أبو إسحاق ناصرًا لطريقة الفقهاء في أصول الفقه مضطلعًا بتأييد مذهب الشافعي في مسائل من الأصول أشكلت على كثير من المتكلمين الشافعيين حتى جبنوا عن موافقته .. " تهذيب الأسماء (٢/ ١٦٩ - ١٧٠).

<<  <   >  >>