للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقولُ فيما رواه لهم عن " أبي القاسم عبدالله بن إبراهيم الجرجاني الآبندوني " (١): سمعت، ولا يقول: حدثنا، ولا أخبرنا. فذكر له أن " أبا القاسم " كان مع ثقتِه وصلاحِه، عسيرًا] (٢) في الروايةِ، فكان " البرقاني " يجلسُ بحيث لا يراه أبو القاسم ولا يعلم بحضورِه، فيسمع منه ما يُحدِّث به الشخصَ الداخلَ إليه، فلذلك يقول: سمعت، ولا يقول: حدثنا، ولا: أخبرنا؛ لأن قصده كان الرواية للداخل إليه وحده.

وأما قوله: قال لنا فلان، أو: ذكر لنا فلانٌ؛ فهو من قبيل قوله: حدثنا فلان، غير أنه لائقٌ بما سمعه منه في المذاكرة، وهو به أشبه من " حدَّثنا ".

وقد حكينا في فصل التعليق عقيب (النوع الحادي عشر) عن كثير من المحدِّثين استعمال ذلك، معبِّرين به عما جرى بينهم في المذاكرات والمناظرات. وأوضع (٣) العبارات في ذلك أن يقول: " قال فلان " أو: " ذكر فلانٌ " من غير ذكر قوله: لي، ولنا، ونحو ذلك.

وقد قدَّمنا في (فصل الإِسناد المعنعن) أن ذلك وما أشبهه من الألفاظ، محمولٌ عندهم على السماع إذا عُرِفَ لقاؤه له وسماعه منه على الجملة، لا سيما إذا عُرِفَ من حاله أنه لا يقول: " قال فلان " إلا فيما سمعه منه.

وقد كان " حجاج بن محمد الأعور " يروي عن " ابن جريج " كتبه، ويقول فيها: " قال ابن جريج " فحملها الناس عنه، واحتجوا برواياته، وكان قد عُرِفَ من حاله أنه لا يروي إلا ما سمعه. وقد خصَّص " الخطيب أبو بكر الحافظ " القولَ بحمل ذلك على السماع، بمن عُرِفَ من عادته مثلُ ذلك (٤).

والمحفوظ المعروف ما قدمنا ذكره. والله أعلم.

القسم الثاني: من [٣٧ / و] أقسام الأخذ والتحمُّل: القراءة على الشيخ. وأكثر المحدِّثين يسمونها: عرضًا، من حيث إن القارئ يعرض على الشيخ ما يقرؤه، كما يَعرِضُ القرآن على المقرئ. وسواءٌ كنت أنت القارئ، أو قرأ غيرُك وأنت تسمع، وقرأت من


(١) [قال المؤلف: آبندون: قرية من قرى جرجان] من هامش (غ، ص) والضبط بفتح الألف الممدودة والباء الموحدة، وسكون النون وضم الدال المهملة وفي آخره نون، من (اللباب: ١/ ١٧).
(٢) في طبعة الهند من الكفاية: " عسرًا في الرواية " ٢٨٧.
(٣) من الوضع، بمعنى ما وضعوه في مصطلحهم.
(٤) كفاية الخطيب: ٢٩٠ (باب ما جاء في عبارة الرواية عما سمع).

<<  <   >  >>