للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: العُلوُّ بالنسبة إلى رواية (الصحيحين) أو أحدِهما، أو غيرهما من الكتب المعروفة المعتمَدة، وذلك ما اشتهر آخِرًا من الموافقات والأبدال والمساواة والمصافحة، وقد كثر اعتناءُ المحدِّثين المتأخرين بهذا النوع. [٧٦ / ظ] وممن وجدتُ هذا النوعَ في كلامه: " أبو بكر الخطيب الحافظ " وبعض شيوخه، و " أبو نصر ابن ماكولا، وأبو عبدالله الحميدي " وغيرُهم من طبقتهم، وممن جاء بعدهم.

أما الموافقة: فهي أن يقع لك الحديثُ عن شيخ ِ " مسلِم " فيه مثلا، عاليًا بعددٍ أقلَّ من العدد الذي يقع لك به الحديث عن ذلك الشيخ إذا رويتَه عن " مسلم "، عنه.

وأما البدل: فمثلُ أن يقع لك مثلُ هذا العلو عن شيخ غير شيخ " مسلم " في ذلك الحديث. وقد يُرَدُّ البدلُ إلى الموافقة فيقال فيما ذكرناه: إنه موافَقة عالية، في شيخ شيخ مسلم. ولو لم يكن ذلك عاليًا فهو أيضًا موافقة وبدَلٌ، لكن لا يطلق عليه اسمُ الموافقة والبدل ِ لعدم الالتفات إليه.

وأما المساواة: فهي في أعصارنا أن يقل العددُ في إسنادك لا إلى شيخ " مسلم " وأمثاله، ولا إلى شيخ شيخه، بل إلى من هو أبعد من ذلك؛ كالصحابي أو مَن قاربه، وربما كان إلى


= هُشَيْم [بن بَشِير وهو أحد الأئمة]؛ لأنه رواه عن علي بن الفضل عن ابن عرفة عن هُشيم عن يونس بن عبيد عن نافع عن ابن عمر (١). قال " الحاكم ": وكذلك كلُّ إسنادٍ يقرب من ابن جُرَيج والأوزاعي ومالك والثوري وشعبةَ بن الحجاج وزُهير وحماد بن زيد، وغيرهم من أئمة الحديث؛ فإنه عال ٍ وإن زاد في عدده بعد ذكر الإمام الذي جعلناه مثالا ".
ولم يقل " الحاكم " إن غيره ليس بعال ٍ، بل أراد بيانَ أن هذا مما يُعَدُّ عاليًا، ردًّا على من يعتقد القصورَ على مجرد العدد كما تقدم. انتهت " ٨٥ / ظ - ٨٦ / و (٢).

<<  <   >  >>