للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التاسعَ عشر: إذا كان سماعُه على صفةٍ فيها بعضُ الوَهَنِ، فعليه أن يذكرها في حالة الرواية؛ فإن في إغفالها نوعًا من التدليس، وفيما مضى لنا أمثلة لذلك. ومن أمثلتِه، ما إذا حدَّثه المحدِّثُ من حِفظِه في حالة المذاكرة، فليقل: " حدثنا فلان مذاكرةً، أو: حدثنا في المذاكرة ". فقد كان غيرُ واحدٍ من متقدمي العلماء يفعل ذلك. وكان جماعةٌ من حُفاظِهم يمنعون من أن يُحمَلَ عنهم في المذاكرةِ شيءٌ، منهم " عبدالرحمن بن مهدي، وأبو زُرْعةَ الرازي " ورويناه عن " ابنِ المباركِ " وغيره. وذلك لما قد يقع فيها من المساهلة مع أن الحفظَ خَوَّان، ولذلك امتنع جماعةٌ من أعلام الحُفَّاظ من روايةِ ما يحفظونه إلا كُتبِهم، منهم " أحمدُ بن حنبل " - رضي الله عنهم أجمعين -. والله أعلم.

العشرون (١): إذا كان الحديثُ عن رجلين أحدُهما مجروح، مِثل أن يكونَ عن " ثابت البُنَاني، وأبان بن أبي عيَّاش (٢)، عن أنس " فلا يُستحسَنُ إسقاطُ المجروح من الإِسنادِ والاقتصارُ على ذكرِ الثقة؛ خوفًا من أن يكون فيه عن المجروح شيء لم يذكره الثقة. قال نحوًا من ذلك " أحمدُ بن حنبل " ثم " الخطيب أبو بكر " قال " الخطيب ": " وكان مسلم بن الحجاج في مثل هذا ربما أسقط المجروحَ من الإِسنادِ ويذكر الثقة، ثم يقول: " وآخر "، كنايةً عن المجروح " قال (٣): " وهذا القول لا فائدة فيه " *.

قلتُ: وهكذا ينبغي إذا كان الحديثُ عن رجلين ثقتين ألا يُسقِطَ أحدَهما منه؛ لتطرقِ مثل ِ الاحتمال ِ المذكورِ إليه، وإن كان محذورٌ الإِسقاط فيه أقلَّ. ثم لا يمتنع ذلك في


(١) سقط التفريعان: العشرون والحادي والعشرون، من متن (ص) وأدرج ما قبل السقط ما فيما بعده.
(٢) (الثقة) هو " ثابت البناني " بن أسلم أبو محمد البصري، من أثبت أصحاب أنس - رضي الله عنه -، والمجروح هو " أبان بن أبي عياش " قال ابن معين: متروك. (تهذيب التهذيب).
(٣) الخطيب، في الكفاية (باب في المحدث يروي حديثًا عن رجلين أحدهما مجروح) ٣٧٧ - ٣٧٨.

<<  <   >  >>