للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نسخةً كتبت عن الشيخ تسكن نفسُه إلى صحتها، أن عامةَ أصحابِ الحديث منعوا من روايته من ذلك. وجاء عن " أيوب السختِياني، ومحمد بن بكر البُرساني " الترخُّصُ فيه (١).

قلت (٢): اللهم إلا أن يكون له إجازةٌ من شيخه عامة لمروياته أو نحو ذلك، فيجوز له حينئذ الروايةُ منها؛ إذ ليس فيه أكثرُ من رواية تلك الزيادات بالإِجازة بلفظِ " أخبرنا " أو " حدثنا " من غير بيانٍ للإِجازة (٣) فيها، والأمرُ في ذلك قريبٌ يقع مثلُه في محلِّ التسامح. وقد حكينا فيما تقدم أنه لا غنى في كلِّ سماع عن الإجازة (٤)؛ ليقع ما يسقط في السماع على وجهِ السهو وغيره من كلماتٍ أو أكثرَ، مرويًّا بالإجازة، وإن لم يُذكر لفظُها. فإن كان الذي في النسخة سَماعُ شيخ ِ شيخِه، أو هي مسموعةٌ على شيخ ِ شيخِه، أو مرويةٌ عن شيخ ِ شيخِه، فينبغي له حينئذ في روايتِه منها، أن تكون له إجازةٌ شاملة من شيخه، ولشيخِه أجازةٌ شاملة من شيخِه، وهذا تيسيرٌ حسنٌ هدانا اللهُ له - وله الحمد - والحاجةُ إليه ماسَّةٌ في زمانِنا جدًّا. والله أعلم.

الثالث: إذا وجد الحافظُ في كتابِه خلافَ ما يحفظه، نظر؛ فإن كان إنما حفظ ذلك من كتابِه فليرجعْ إلى ما في كتابه، وإن كان حَفظه من فم المحدِّثِ فليعتمدْ حِفظَه دون ما في كتابِه إذا لم يتشكك. وحَسَنٌ أن يذكرَ الأمرين في روايتِه، فيقول: " حفظي كذا، وفي كتابي كذا " هكذا فعل " شُعبةُ " وغيرُه. وهكذا إذا خالفه فيما يحفظه بعضُ الحُفَّاظ، فليقلْ: " حفظي كذا وكذا، وقال فيه فلان، أو: قال فيه غيري كذا وكذا " أو شبه هذا من الكلام. كذلك فعل " سُفيانُ الثوري " وغيرُه. والله أعلم.

الرابع: إذا وجد سماعَه في كتابِه وهو غير ذاكر لسماعِه ذلك؛ فعن " أبي حنيفةَ " - رحمه الله -، وبعض ِ أصحاب " الشافعي " - رحمه الله - أنه لا يجوز له روايتُه. ومذهب " الشافعي " وأكثرِ أصحابِه، وأبي يوسفَ ومحمد، أنه يجوز له روايتُه.


(١) الكفاية: ٢٥٧ (باب القول فيمن سمع من بعض الشيوخ أحاديث لم يحفظها ثم وجد أصل المحدِّث بها ولم يُكتب فيها سماعه ... ).
(٢) على هامش (غ): [قال المؤلف، شيخنا المملي - رضي الله عنه -] خ.
(٣) في (ص): [بالإجازة].
(٤) في (ص): [من الإجازة].

<<  <   >  >>