للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَلِيكَ ". (١) وعن " ابن عيينة " أن أبا مسلم المستملي قال له: " إن الناس كثيرٌ لا يسمعون. قال: تسمع أنت؟ قال: نعم، قال: فأسْمِعهم " (٢).

وأبَى آخرون ذلك. روينا عن " خلفِ بن تميم " قال: سمعتُ من سفيان الثوري عشرةَ آلافِ حديثٍ أو نحوها، فكنت أستفهمُ جَلِيسي، فقلت لزائدة، فقال لي: " لا تُحدِّث منها إلا [٤٠ / ظ] بما تحفظُ بقلبِك وسَمْع ِ أذنك " قال: فألقيتُها (٣).

وعن " أبي نُعَيْم ٍ " أنه كان يرى فيما سقط عنه من الحرف الواحد والاسم ِ مما سمعه من سفيانَ والأعمش ِ، واستفهمه من أصحابه، أن يرويَه عن أصحابه، لا يرى غيرَ ذلك واسعًا له (٤).

قال الشيخ - أبقاه الله -: الأولُ تساهلٌ بعيد. وقد روينا عن " أبي عبدالله ابن منده الحافظِ الأصبهاني " أنه قال لواحدٍ من أصحابه: " يا فلان، يكفيكَ من السماع ِ شَمُّه ". وهذا إما متأوَّلٌ أو متروكٌ على قائلِه. ثم وجدتُ عن عبدِالغني بنِ سعيد الحافظ، عن حمزةَ بنِ محمد الحافظِ بإِسنادِه، عن عبدِالرحمن بنِ مهدي، أنه قال: " يكفيكَ من الحديث شمه " قال عبدالغني: " قال لنا حمزة: يعني إذا سُئِلَ عن أول ِ شيء عرَفه، وليس يعني التسهُّلَ في السماع ". والله أعلم (٥).

السابع: يَصحُّ السماعُ ممَّن هو وراءَ حجاب، إذا عُرِفَ صوتُه فيما إذا حَدَّثَ بلفظِه، وإذا عُرِفَ حضورُه بمسمع ٍ منه فيما إذا قرئ عليه. وينبغي أن يجوزَ الاعتمادُ في معرفة صوتِه وحضورِه على خَبر مَنْ يوثَقُ به. وقد كانوا يَسمعون من " عائشةَ " وغيرِها من أزواج ِ رسول ِ الله - صلى الله عليه وسلم - من رواءِ حجاب، ويروونه عنهن اعتمادًا على الصوتِ. واحتجَّ " عبدُالغني بنُ سعيد الحافظُ " في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: " إن بلالا ينادي بِلَيل ٍ، فكُلوا واشربوا


(١ - ٢) الخطيب في الباب، بأسانيده إليهم.
(٣) أسنده الرامهرمزي في المحدث الفاصل (٦٠١ ف ٨٦٧) والخطيب في الكفاية (٧٠) من طريق الرامهرمزي.
(٤) الخطيب في الكفاية (٧٣).
(٥) انظر تقييد العراقي: ١٧٦ - ١٧٨.

<<  <   >  >>