للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لذلك كما اعتاده قومٌ من المشايخ من قولهم في إجازاتهم لمن يُجيزون له: " إن شاء قال: حدثنا، وإن شاء قال: أخبرنا " فليُعلَم ذلك (١). والعلم عند الله تبارك وتعالى.

القسم الخامس من أقسام طرق نقل الحديث وتلقيه:

المكاتبة:

وهي أن يكتب الشيخُ إلى الطالب وهو غائبٌ شيئًا من حديثِه بخطِّه، أو يكتب له ذلك وهو حاضر. ويلحقُ بذلك ما إذا أمر غيرَه بأن يكتبَ ذلك عنه إليه. وهذا القسم ينقسم أيضًا إلى نوعين:

أحدهما: أن تتجرد المكاتَبةُ عن الإجازةِ:

والثاني: أن تقترنَ بالإجازةِ بأن يكتب [٤٨ / ظ] إليه ويقول: " أجزتُ لك ما كتبتهُ لك، أو ما كتبتُ به إليك " أو نحو ذلك من عبارات الإجازة.

أما الأول وهو ما إذا اقتصر على المكاتَبةِ؛ فقد أجاز الروايةَ بها كثيرٌ من المتقدمين والمتأخرين، منهم: " أيوبُ السختياني، ومنصورٌ، والليثُ بنُ سعد " (٢) وقاله غيرُ واحد من الشافعيين. وجعلها " أبو المظفر السمعاني " - منهم - أقوى من الإجازة. وإليه صار غيرُ واحد من الأصولِيينَ. وأبَى ذلك قومٌ آخَرونَ، وإليه صار من الشافعيِّينَ " القاضي الماوَردِي "، قطع به في كتابه (الحاوي).

والمذهبُ الأولُ هو الصحيح المشهورُ بين أهل ِ الحديث. وكثيرًا ما يوجَدُ في مسانيدِهم ومصنفَّاتهم قولُهم: " كتب إليَّ فلانٌ، قال: حدَّثنا فلان " والمرادُ به هذا. وذلك معمولٌ به عندهم معدود في المسنَدِ الموصول. وفيها إشعار قويٌّ بمعنى الإجازة؛ فهي وإن لم تقترن بالإِجازةِ لفظًا فقد تضمنت الإجازةَ معنى.

ثم يكفي في ذلك أن يعرفَ المكتوبُ إليه خطَّ الكاتبِ وإن لم تقم البينةُ عليه. ومن


(١) وقال النووي: " لأن إباحة الشيخ لا يغيرُ بها الممنوع في المصطلح ". التقريب ٢/ ٥٤ وبسط السخاوي القول في بيان وجه هذا المنع (فتح المغيث ٢/ ١١٨ - ١٢٠).
(٢) أسنده الخطيب في الكفاية: عن منصور بن المعتمر (٣٤٣) وأيوب السختياني والليث بن سعد (٣٤٤) باب (كيفية العبارة بالرواية عن المكاتبة).

<<  <   >  >>