للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شكّ في سماع نفسِه في مثل ِ ذلك أن يقولَ: حدثنا (١).

وهو عندي يتوجَّهُ بأن " حدثني " أكملُ مرتبةً، و " حدثنا " أنقصُ مرتبةً، فليقتصر إذا شكَّ على الناقص ِ؛ لأن عدمَ الزائد هو الأصلُ، وهذا لطيفٌ.

ثم وجدت " الحافظَ أحمدَ البيهقي " قد اختار بعد حكايةِ (٢) قول ِ القطان، ما قدَّمتُه.

ثم إن هذا التفصيلَ من أصلِه مستحَبٌّ ولسي بواجب، حكاه " الخطيبُ الحافظ " عن أهل ِ العلم كافةً. (٣) فجائزٌ إذا سمع وحده [٣٩ / ظ] أن يقول: " حدثنا " أو نحوه؛ لجواز ذلك للواحدِ في كلام العربِ. وجائزٌ إذا سمع في جماعةٍ أن يقول: " حدثني " لأن المحدِّث حدَّثه وحدَّث غيرَه. والله أعلم.

الرابع: روينا عن " أبي عبدِالله أحمدَ بنِ حنبل " - رضي الله عنه - أنه قال: اتبعْ لفظ الشيخ ِ في قولِه: حدثنا، وحدثني، وسمعت، وأخبرنا، ولا تَعْدُه (٤).

قال الشيخ - أبقاه الله -: ليسَ لكَ فيما تجدُه في الكتبِ المؤلَّفة من رواياتِ مَنْ تقدمكَ، أن تبدلَ في نفس ِ الكتابِ ما قيل فيه: " أخبرنا " بِـ " حدثنا " ونحوِ ذلك، وإن كان في إقامةِ أحدِهما مقامَ الآخر خلافٌ وتفصيلٌ سبقَ؛ لاحتمال ِ أن يكون مَنْ قال ذلك ممن لا يرى التسويةَ بينهما. ولو وجدتَ من ذلك إسنادًا عرفتَ من مذهبِ رجالِه التسويةَ بينهما، فإقامتُك أحدَهما مقامَ الآخِر من بابِ تجويزِ الرواية بالمعنى. وذلك وإن كان فيه خلافٌ معروفٌ؛ فالذي نراه الامتناعُ من إجراءِ مثلِه في إبدال ِ ما وُضِعَ في الكتبِ المصنَّفةِ والمجامع ِ المجموعةِ، على ما سنذكره إن شاء الله تعالى، وما ذكره " الخطيبُ أبو بكر " في (كفايته) (٥)، من إجراء ذلك الخلاف في هذا؛ فحمولٌ عندنا على ما يسمعه الطالبُ من لفظِ المُحَدِّثِ غير موضوع ٍ في كتابٍ مؤلَّفٍ. والله أعلم.


(١) انظر تقييد العراقي: ١٧٢.
(٢) في (ص): [في بعض حكايته].
(٣) كفاية الخطيب: باب القول فيمن سمع حديثًا وحده؛ هل يجوز أن يقول في روايته: حدثنا؟ ومن سمع مع جماعة؛ هل يجوز أن يقول: حدثني؟ (٢٩٤).
(٤) في متن (غ): [ولا تعدوه] وفوقها: ش صح، أي نسخة الشمس ابن جميل. ومثله على هامش ص، ومتن ابن الصلاح في التقييد والإِيضاح. والذي في متن ص، ز، وهامش غ: [ولا تَعْدُه].
(٥) في باب ذكر الرواية عمن قال: يجب البيان عن السماع كيف كان (ص ٢٩٩) وباب ذكر الرواية عمن أجاز أن يقال في أحاديث العرض: حدثنا، ولا يفرق بين: سمعت، وحدثنا، وأخبرنا (٣٠٥).

<<  <   >  >>