للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيان أقسام طرق نقل الحديث وتحمله، ومجامعها ثمانية أقسام:

الأول: السماع من لفظ الشيخ. وهو ينقسم إلى إملاء، وتحديث من غير إملاء، وسواء كان من حفظه أو من كتابه. وهذا القسم أرفع الأقسام عند الجماهير. وفيما نرويه عن " القاضي عياض بن موسى السبتي " أحد المتأخرين المطَّلعين، قوله: لا خلاف أنه يجوز في هذا أن يقول السامع منه: حدثنا وأخبرنا، وأنبأنا، وسمعت فلانًا يقول، وقال لنا فلان، وذكر لنا فلان " (١).

قال الشيخ - أبقاه الله -: في هذا نظر، وينبغي فيما شاع استعماله من هذه الألفاظ مخصوصًا بما سُمع من غير لفظ الشيخ - على ما نبينه إن شاء الله تعالى - ألا يُطلق فيما سُمِع من لفظ الشيخ لما فيه من الإِيهام والإِلباس. والله أعلم.

وذكر " الحافظ أبو بكر الخطيب " [٣٦ / و] أن أرفع العبارات في ذلك: سمعت، ثم حدثنا وحدثني؛ فإنه لا يكاد أحدٌ يقول: سمعت، في أحاديث الإجازة والمكاتبة، ولا في تدليس ما لم يسمعه (٢).

وكان بعض أهل العلم يقول فيما أجيز له: حدثنا. وروى عن " الحسن " أنه كان يقول: حدثنا أبو هريرة. ويتأول أنه حدَّث أهل المدينة. وكان " الحسن " إذ ذاك بها، إلا أنه لم يسمع منه شيئًا (٣).


(١) الإِلماع للقاضي عياض: ٦٩.
(٢) كفاية الخطيب: ٢٨٤.
(٣) على هامش (غ): [قال المؤلف: قال " علي بن المديني " فيما روينا عنه: قول الحسن: خطبنا ابن عباس بالبصرة، إنما هو كقول ثابت: قدم علينا عمران بن حصين، ومثل قول مجاهد: خرج علينا علي. وقال علي ابن المديني: الحسن لم يسمع من ابن عباس وما رآه قط، كان بالمدينة أيام كان ابن عباس بالبصرة. والله أعلم ". وجدته بخطه - أعني شيخنا - فنقلته] وانظره في (علل ابن المديني: ٥١).
وعبارة الخطيب في الكفاية: " وروي عن الحسن أنه كان يقول: ثنا أبو هريرة، ويتأول أنه حدث أهل البصرة، والحسن منهم. وكان الحسن إذ ذاك بالمدينة فلم يسمع منه شيئًا. ولم يستعمل قول: سمعت، في شيئ من ذلك ". باب ما جاء في عبارة الرواية عما سمع من المحدث لفظًا: ص ٢٨٤.
وأسند الطبري من طريق عمرو بن علي الفلاَّس عن عفان بن مسلم عن وهيب بن خالد الباهلي أبي بكر البصري، عن أيوب السختياني، قال: " لم يسمع الحسن من أبي هريرة ". ومن طريق عمرو بن علي أيضًا عن أبي قتيبة، سلم بن قتيبة، عن شعبة، قال: قلت ليونس بن أبي إسحاق السبيعي: أسمع الحسن من أبي هريرة؟ قال: لا، ولا حرفا ". (المنتخب من ذيل المذيل: ٦٣٧).

<<  <   >  >>