للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: " قرب الإسناد، قربٌ أو قربةٌ، إلى الله - عز وجل - ". وهكذا كما قال؛ لأن قربَ الإسناد قرب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والقرب إليه قرب من الله - عز وجل -.

الثاني: وهو الذي ذكره " الحاكم أبو عبدالله الحافظ ": القربُ من إمام من أئمة الحديث، وإن كثر العددُ من ذلك الإمام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١). فإذا وُجِد ذلك في إسنادٍ؛ وُصِفَ بالعلوِّ نظرًا إلى قربه من ذلك الإمام، وإن لم يكن عاليًا بالنسبة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وكلام " الحاكم " يوهم أن القرب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يُعَدُّ من العلوِّ المطلوبِ أصلا. وهذا غلط من قائله؛ لأن القرب منه - صلى الله عليه وسلم - بإسنادٍ نظيف غير ضعيف، أوْلَى بذلك، ولا ينازع في هذا مَن له مُسْكَةٌ من معرفة (٢). وكأن " الحاكم " أرادَ بكلامه ذلك إثباتَ العلو للإسنادِ لقربه من إمام، وإن لم يكن قريبًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والإنكارَ على من يراعي في ذلك مجردَ قربِ الإسناد إلى رسول ِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان إسنادًا ضعيفًا، ولهذا مثَّل ذلك بحديث " أبي هُدبةَ، ودينارٍ، والأَشجِّ " وأشباهِهم * والله أعلم.


(١) علوم الحاكم: النوع الأول، ٩ - ١١.
(٢) في الطرة على هامش (غ): [قال وكيع: أي الإسنادين أحب إليكم: الأعمش عن أبي وائل عن عبدالله؟ أو: سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله؟ فقلنا: الأعمش عن أبي وائل، فقال: يا سبحان الله! الأعمش شيخ وأبو وائل شيخ، وسفيان فقيه ومنصور فقيه وإبراهيم فقيه وعلقمة فقيه. وحديث يتداوله الفقهاء، خير من أن يتداوله الشيوخ].
تأتي في فائدة الإمام البلقيني التالية، نقلا من علوم الحاكم. وعلى هامش (غ) أيضًا: [قال القاضي عياض: قرأت بخط الشيخ أبي عمر ابن عبدالبر الحافظ، مما نسبه للقعنبي:
إذا لم يكن خبر صحيح ........................... عن الأشياخ متضح الطريق
فلا ترفع به رأسًا ودعه .......................... فإني ناصح لك يا صديقي
وإسقاط المشايخ من حديث ....................... أشد عليَّ من فقد الشقيق
وما في الأرض خير من حديث ................... له نور بإسناد وثيق]
- بنصه، في (الإلماع: (١٩٧ - ١٩٨).

<<  <   >  >>