للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع التاسع والستون:

معرفة أسباب الحديث.

قال " الشيخ أبو الفتح القشيري، المشهور بابن دقيق العيد " - رحمه الله -، في (شرح العمدة) (١) في الكلام على حديث " إنما الأعمال بالنيات " في البحث التاسع: شرع بعض المتأخرين من أهل الحديث في تصنيف أسباب الحديث، كما صُنِّف في أسباب النزول للكتاب العزيز، فوقفتُ من ذلك على شيء يسير له، وحديث: " إنما الأعمال بالنيات " يدخل في هذا القبيل، وينضم إلى ذلك نظائرُ كثيرة لمن قصد تتبعَه (٢).

هذا كلام الشيخ. وذكر قبل ذلك أنهم " نقلوا أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة، وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس، فسُمِّي: مهاجِرَ أم قيس؛ ولهذا خصَّ في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما يُنوَى به الهجرةُ من أفراد الأغراض الدنيوية، ثم أُتْبع بالدنيا " (٣).

وقوله: " ثم أُتْبع بالدنيا " وهمٌ سبق القلمُ إليه، وصابه: ذَكَر ذلك بعد ذِكْرِ الدنيا؛ إذ الكلام على الرواية التي ساقها صاحب (العمدة) والموجود منها ما قررناه (٤).

واعلم أن السبب قد يُنقَل في الحديث، كما في حديث سؤال " جبريل " عن الإيمان (٥) والإسلام والإحسان وغيرها، وحديث القُلَّتين: " سئل عن الماء [١٥٦ / ظ] يكون بالفلاة


(١) إحكام الأحكام في شرح (عمدة الأحكام في حديث سيد الأنام)، لعبدالغني المقدسي، تقي الدين.
(٢ - ٣) الوجه التاسع ١/ ١١، والوجه السابع ١/ ١٠. ط بيروت / العلمية.
(٤) الرواية فيه لحديث عمر - رضي الله عنه -: " إنما الأعمال بالنيات - وفي رواية: بالنية - وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه " الأحكام ١/ ٧.
بتقديم " دنيا " على " امرأة " وهي رواية البخاري حيث جاءت في مواضع الحديث من صحيحه، وأولها مفتتحه، ك بدء الوحي. ثم في كتب (الإيمان، والعتق، ومناقب الأنصار، والنكاح، والأيمان والنذور، .... ) ومثلها الرواية في صحيح مسلم، ك الإمارة، باب إنما الأعمال بالنية " وانظر (فتح الباري ١/ ١٤٠٦).
(٥) حديث سؤال جبريل - عليه السلام - النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان والإسلام، متفق عليه، أخرجه الشيخان في كتاب الإيمان: (اللؤلؤ والمرجان: ١/ ٢ ح ٥).

<<  <   >  >>