للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع السابع والعشرون:

معرفةُ آدابِ المحدِّث.

وقد مضى طرفٌ منها اقتضته الأنواعُ التي قبله.

علم الحديث علم شريفٌ يناسب (١) مكارمَ الأخلاق ومحاسنَ الشيم، وينافر مساوئ الأخلاق ومشاينَ الشيم. وهو من علوم الآخرة لا من علوم الدنيا، فمن أراد التصدي لإسماع الحديث أو لإفادة شيء من علومه، فليقدمْ تصحيحَ النيَّة وإخلاصَها، وليطهرْ قلبَه من الأغراض الدنيوية وأدناسها، وليَحذَرْ بَلِيَّةَ حُبِّ الرياسة ورعوناتها.

وقد اختُلِفَ في السنِّ الذي إذا بلغه استُحِبَّ له التصدِّي لإسماع الحديث والانتصابُ لروايته. والذي نقوله: إنه متى احتِيجَ إلى ما عنده؛ استُحِبَّ له التصدي لروايتِه ونشره [٦٩ / ظ] في أيِّ سنٍّ كان (٢). وروينا عن " القاضي الفاضل أبي محمد بن خلاد " - رحمه الله -، أنه قال: الذي يصحُّ عندي من طريق الأثر والنظر، في الحدِّ الذي إذا بلغه الناقلُ حَسُنَ به أن يُحدِّثَ، هو أن يستوفيَ الخمسين لأنها انتهاء الكهولة وفيها مجتمعُ الأَشُدِّ. قال " سُحَيمُ بن وثيل (٣) ":


(١) في متن (ص): [مناسب] وعلى هامشه [يناسب] كما في (غ، ز، ع).
(٢) على هامش (غ) من أمالي ابن الصلاح: [قال: وذلك بحسب الزمان والمكان؛ فرب بلاد مهجورة يقع إليها من يُحتاج إلى روايته هناك، ولا يُحتاج إلى روايته في البلاد التي يكثر فيها العلماء].
(٣) سحيم بن وثيل بن عمرو، الرياحي اليربوعي الحنظلي التميمي: شاعر مخضرم. ناهز عمره المائة. كان شريفًا في قومه، نابه الذكر. قال ابن دريد: عاش أربعين سنة في الجاهلية وستين في الإسلام. والشاهد من قصيدته المشهورة، أصمعية حماسية:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا .............................................. متى أضع العمامة تعرفوني
وماذا يطلب الشعراء مني .............................................. وقد جاوزت حد الأربعين
أخو خمسين ... البيت
(مؤتلف الآمدي ١٣٧، الإصابة: ق ٣ ت ٣٣٦٠، الأصمعيات ٦، شرح الحماسة للمرزوقي ١/ ٢٨، سمط اللآلي ١/ ٥٥٨) وجمهرة الأنساب: ٢١٥.

<<  <   >  >>